وهو صاحب الجو ، وكانت أمها كاهنة ، وكان لها رأي ، وكانت من جديس ، وطسم ، وجديا ، وكانوا بمكان واحد ، فتغلبت طسم على جديس ، وملك الجميع الأسود ابن عقار الطسمي وكان فاسقا يتقزع النساء قبل أزواجهن ، فاحتال عليه جديس فقتلوه ، وقتلوا كثيرا من طسم ، فاستنصرت بقايا طسم بحسان بن تبع الحميري ، فغزا جديسا طالبا لأخذ ثأر طسم ، وكانت اليمامة امرأة زرقاء العين ، وعينها الواحدة أكبر من الأخرى إذا أغمضت الكبرى رأت بالصغرى على الفراسخ والأمد البعيد.
وقيل : إنها كانت ترى فلك القمر فتخبر عنه بأشياء عجيبة ، وكان اتصل بجديس انتصار طسم بحسان ، فقالوا لليمامة : انظري لنا ، فنظرت ثم قالت : أقسم بمهب الريح والأكام والبطاح والمساء والصباح ليأتين من حمير الجيش الرداح ، فلا ترون بعدها الفلاح ، فكذبوها ، وانتهروها ، فلما قرب حسان ومن معه قالوا : إن اليمامة فيهم وستخبرهم بأمرك ، فقال لأصحابه : ليحملن كل واحد منكم غصن من شجرة ، فقالت [١] : أتتكن الشجر تخبط المدر ، فاستعملوا منها بحذر ، فقالوا لها في اليوم الثاني ، قالت : أرى رجلا في كفيه كتف [٢] أو يخصف نعلا ، وكان حسان يكن نهارا ويسير نهارا ، ففاجأهم فقتلهم وهدم منازلهم ، وقال لليمامة : هلّا عرفتيهم بمسيري؟ قالت : قد فعلت لو قبلوا ، فقتلها فاعوّر ومنع من النوم ، وفيها قالت الشعراء منهم كثيرا الأعشى :