يدعوك لداره ، ويسألك عن ذلك فاشكو له فقرك ، وقلة تفقد الأمير وخذ ما يعطيك ولا تقع عينك على شيء إلا وتطلبه منه ، فإنه لا يمنعك إياه حتى تستوفي ما ينالك ، بعد هذا [يسألك][١] عن نظري إليه ومسارتي إياك ، فاصدقه الحديث على شرحه وإياك أن تكذبه وعرفه أن ذلك حيلة لبلوغ منفعتك.
قال : ففعلت ما أمرني به الأمير ، فكان الحال كما قال الأمير.
فخرج الوزير فرآني جالس في الدهليز ، فقال : يا أبا محمد ، ما هذا الجفاء لا تزورنا ولا نراك ولا تسألني حاجة؟
فقلت : أنا خادم الوزير وعبده ، فأخذني بصحبته لداره ورفع محلي وأكرمني ، ثم سألني عن حالي ، فشكوت له الفقر والعيال وقلة الحظ من الأمير وإمساك يده في العطاء.
فقال : يا أبا محمد ، لا تخف ما شكوت بعد اليوم ، فمالي مالك ونعمتي عائدة عليك ، ولو عرفتني حالك قبل اليوم لما نالك شيء مما شكوت.
ثم أمر مباشريه بتعاطي أحوال الوزير في ذلك اليوم وقال : ـ لا يدخل اليوم عليّ منكم أحد فإني أريد [أن][٢] أحظى بمنادمة أبا محمد اليوم.
ثم أمر بالسماط فمد ، ثم بالحلاوات والفواكه إلى غير ذلك ، ثم جاءوا بالشراب ، فدفع لي ثلاثة آلاف دينار فأخذتها ، وأحضر ثيابا من ملابسه ومركوبا من مراكيبه بسرج من ذهب.
وكان بين يديه طبق من ذهب فيه الرياحين وطست من فضة وإبريق مثله ، وباطية من بلور ، وقدح مثله مزبكين بالذهب مرصعين بالمعادن النفيسة. وصرت كلما رأيت شيئا حسنا طلبته وهو لا يمنعني شيئا.
فلما صار إلى ما ذكرناه أقبل عليّ وقال : يا أبا محمد ، أسألك عن شيء ، وأطلب منك الصدق فيه ، وتحلف لي بالله ، وبالطلاق والعتق [٣] / تصدقني عن ما أسألك؟
فحلفت له ، فقال : بأي شيء سارك الأمير حين قدومي ، فإني رأيته يسارك وينظر إليّ مغضبا [٤]؟