قال في الرسالة ما
لفظه : « الوجه الثاني : ما ذكره بعض المحقّقين من المعاصرين مع الوجه الأول ،
وبعض الوجوه الأخر ، قال : لا ريب في كوننا مكلّفين بالأحكام الشرعية ، ولم يسقط
عنّا التكليف بالأحكام الشرعية في الجملة ، وأنّ الواجب علينا أولا هو تحصيل العلم
بتفريغ الذمّة في حكم المكلّف بأن يقطع معه بحكمه بتفريغ ذمّتنا عمّا كلّفنا به ،
وسقوط التكليف عنّا سواء حصل العلم منه بأداء الواقع أولا حسب ما مرّ تفصيل القول
فيه ، وحينئذ فنقول :
إن صحّ لنا تحصيل
العلم بتفريغ الذّمّة في حكم الشارع فلا إشكال في وجوبه ، وحصول البراءة ، وإن
انسدّ علينا سبيل العلم به كان الواجب علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه إذ هو
الأقرب إلى العلم به ، فتعيّن الأخذ به عند التنزّل من العلم في حكم العقل بعد
انسداد سبيل العلم والقطع ببقاء التكليف ، دون ما يحصل معه الظن بأداء الواقع ،
كما يدّعيه القائل بأصالة حجّية الظنّ وبينهما بون بعيد ، إذ المعتبر في الوجه
الأول هو الأخذ بما يظنّ كونه حجّة بقيام دليل ظنّي على حجّيته ، سواء حصل منه
الظن بالواقع أو لا.
وفي الوجه الثاني
لا يلزم حصول الظن بالبراءة في حكم الشارع ، إذ لا يستلزم مجرّد الظنّ بالواقع
الظنّ باكتفاء المكلّف بذلك الظن في العمل ، سيّما بعد النهي عن اتّباع الظن ،
فإذا تعيّن تحصيل ذلك بمقتضى العقل يلزم اعتبار أمر آخر يظنّ معه رضاء المكلّف
بالعمل به ، وليس ذلك إلاّ الدليل الظنّي الدالّ على حجّيته ، فكلّ طريق قام ظن
على حجّيته عند الشارع يكون حجّة دون ما لم يقم عليه » انتهى بألفاظه.