responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وقاية الأذهان المؤلف : النجفي الإصفهاني، محمّد رضا    الجزء : 1  صفحة : 501

ثقة آخذ منه معالم ديني؟ [١] يدلّ على أنّ قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي ، كما نبّه عليه في الرسالة [٢] ، ولكنه ليست المفروغيّة لتعبّد ونصّ من الشرع ، بل لحكم الفطرة والعقل ، وعلى هذا النموذج سائر الأدلة الموردة في هذا البحث ، ويأتي التنبيه عليها في مواضعها ، وللكلام بقيّة تسمعها إن شاء الله في بحث تعارض الأدلة ، وبالجملة المتّبع في هذه المسألة سيرة العقلاء.

ثانيهما : لم يسلك العقلاء سبيل التعبّد الوعر فيما حكموا بحجّيته ، ولم يعرفوا قط معنى لسببية الأمارة ، ولا لمدخليّة سلوك الأمارة في مصلحة العمل وإن خالف الواقع ، بل المعنى المعقول لديهم هو المعنى المستفاد من لفظ الحجّة ، أعني ثبوت آثار التكليف بوجودها ، وعدم ترتّبها مع عدم قيامها ، فالمولى يعاقب عبده ، والصديق يعاقب صديقه بترك حقّ له أقام الحجّة عليه ، ويعذره إذا تدلّى بحجّة على الترك ، فإذا أخبرك الثقة بحمى صديقك وتركت عيادته ، فإنّك ترى من نفسك استحقاقها العتاب ، كما ترى لها العذر في تركها إذا أخبرك بأنه أبلّ [٣] من الداء.

هذا هو المحجّة الواضحة التي سنّتها الفطرة ، وجرى عليها العقلاء كافة ، وأمضاها الشارع ، فتجدهم على اختلاف الأعصار والأمصار متّفقين على ما وصفناه فيما لهم أو عليهم من الحقوق وإن اختلفوا في أغراضهم الشخصية إقداما وإحجاما ، فبينا ترى الرّجل المقدام يخاطر بنفسه وماله في مزاولة الأسفار ويقذف بهما في لهي أهوال القفار والبحار ، لا يستصحب معه دينارا أودعه عنده صديقه ، فضلا عن حمل عياله وأولاده معه ، إلاّ مع قيام الحجّة على سلامة


[١] رجال الكشي : ٤٩٠ ـ ٩٣٥.

[٢] فرائد الأصول : ٨٥.

[٣] بلّ الرّجل من مرضه وأبلّ : إذا برئ. الصحاح ٤ : ١٦٣٩ ( بلل ).

اسم الکتاب : وقاية الأذهان المؤلف : النجفي الإصفهاني، محمّد رضا    الجزء : 1  صفحة : 501
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست