لا يخلو من تأمل ،
إلاّ أن يكون المراد : أنّ الحكم للواقع فقط ، لكن بقيد الانكشاف ، كما كان يعبّر
السيد الأستاذ [١] طاب ثراه.
( ما تقوم الأمارات مقام
القطع من هذه الأقسام )
أقصى ما تدلّ عليه
أدلّة اعتبار الطرق والأمارات تنزيل الكاشف الناقص منزلة الكاشف التام ، أو تنزيل
المنكشف بها منزلة المنكشف به ، أو تدلّ على كونها طريقا تعبديّا إلى واقع تعبّدي
، إلى غير ذلك من العبارات المؤدّية إلى معنى واحد فهي ـ إذن ـ مقصورة على ملاحظة
القطع باعتبار كشفه عن الواقع ، فتقوم مقام الطريقي المحض ، ولا تقوم مقام
الموضوعي المحض الّذي لم يلحظ فيه جهة الكشف أصلا ، وتنزيل غيره منزلته وإن كان
ممكنا ، ولكنه يكون على نحو إعطاء حكم موضوع لموضوع آخر كقوله عليه السلام : (
الطواف بالبيت صلاة ) [٢] وأين هذا من أدلّة حجّية الطرق التي لا مفاد لها إلاّ
إثبات الحكم لمتعلّقها لا لموضوع آخر؟
وأما الطريقي
الموضوعي ، أعني المأخوذ على جهة الكشف ، فلا مانع من قيامها مقامه ، على ما صرّح
به الشيخ [٣] ، وأورد عليه في ( الحاشية ) بأنّ ذلك يوجب الجمع بين
اللحاظين : الآلي والاستقلالي [٤] ، وبيّنه في ( الكفاية ) بقوله :
« إنّ الدليل
الدالّ على إلغاء احتمال الخلاف لا يكاد يكفي إلاّ بأحد التنزيلين حيث لا بدّ في
كلّ تنزيل منهما من لحاظ المنزّل والمنزّل عليه ، ولحاظهما في أحدهما آلي ، وفي
الآخر استقلالي ، بداهة أنّ النّظر في حجيّته وتنزيله منزلة