وأما الجواب ، فهو
ذلك الجواب ، ولكن سلبه بزّته [١] بعد ما أخلق ديباجته ، لأنّ الفصول جعل متعلّق كلّ من
الطلبين غير متعلّق الآخر ، فصحّ جوابه حتّى على القول بامتناع الاجتماع.
وأما هذا الفاضل
وجّهه بما لا يرضى به حتى القائل بالجواز ، لأنّه وجّه الطلبين في أول كلامه إلى
النقيضين ـ راجع أول كلامه المنقول ـ غايته كلّ بجهة ، وفيه وفي أمثاله لا بدّ من
وقوع الكسر والانكسار بين المصلحتين شأن كثير من الواجبات والمحرّمات ، إذ قلّما
تجد واجبا خاليا من جميع جهات الصلاح ، أو محرّما ليس فيه وجه للصلاح ، وقد قال
تعالى في المحرّمين العظيمين : ( فِيهِما إِثْمٌ
كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ )[٢] فإذا اجتمع طلب الصوم مع طلب تركه لإجابة المؤمن فلا بدّ من فعليّة أحدهما ،
وعدم فعليّة الآخر ، فإذا كانت مصلحة الإجابة هي الأشدّ ، فلا يعقل تعلّق الطلب
الفعلي بالصوم.
وهذا أوضح من أن
يخفى على مثل هذا الفاضل ، ولكنه يراوغ [٣] عن انقسام كلّ من
متعلّقي الطلبين إلى قسمين ، كما حقّقه صاحب الفصول ، ثم لا يجد بدّا من الاعتراف
به ، كما هو مقتضى سائر كلامه.
( اجتماع الأسباب )
حكى الفاضل
النراقي عن بعض مجوّزي اجتماع الأمر والنهي الاستدلال بإجزاء غسل واحد عن الجنابة
والجمعة ، زعما منه أنّ ذلك من باب
[١] البزّة بالكسر :
الهيئة. الصحاح ٣ : ٨٦٥ ، مجمع البحرين ٤ : ٨ ( بزز ).