ثانيها : أنه منهي
عنه فعلا ، وليس مأمورا بالخروج ، نقل عن صاحب الإشارات.
ثالثها : عكس ذلك
وهو كونه مأمورا بالخروج من غير نهي مطلقا.
رابعها : أنه
مأمور بالخروج مطلقا أو بقصد التخلّص ، وليس منهيّا عنه حال كونه مأمورا به ، لكنه
عاص به بالنظر إلى النهي السابق ، ذهب إليه صاحب الفصول ، واحتمل أن يرجع إليه ما
عزي إلى الفخر الرازي من القول بأنه مأمور بالخروج ، وحكم المعصية جار عليه [١].
خامسها : أنّه
منهي بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه ، وعصيانه له ، ولا يكاد يكون
مأمورا به ، اختاره في الكفاية ، وتكرّر في كلامه حكم العقل بلزومه إرشادا إلى
أقلّ القبحين ، وأخفّ المحذورين [٢].
( تمحيص الأقوال )
أما القول الأوّل
، فمن الواجب القطع بفساده إلاّ أن يكون القائل به ممّن يجوّز التكليف بالمحال ،
بل التكليف المحال ، وإلاّ فلا فرق في مناط الاستحالة وحكم العقل بامتناعه ، ولا
يعقل الفرق في عدم القدرة بين أن يكون سلب القدرة بسوء اختياره أو بغيره ، وكيف
يجوّز العاقل تكليف الأعمي بالاستهلاك ، والمقعد بصعود الجبال إذا كان العمى
والإقعاد بسوء اختيارهما!؟
نعم يمكن العقاب
على عدم حفظ القدرة إن سبق الأمر به ، على تفصيل مذكور في محلّه.
وما يقال بأنه
خطاب تسجيلي لتصحيح العقاب كما في خطاب العصاة ـ فمع أنه خارج عن محل البحث ، لأنّ
الكلام في الخطاب البعثي ـ واضح الفساد ،