تكن واجبة لزم عدم
استحقاق تارك الواجب المطلق للعقاب أصلا ، فإن الجالس في بيته التارك للخروج مع
الرفقة إلى الحج إمّا أن يكون مستحقا له في زمان ترك الخروج ، أو في زمان الحج ،
لا سبيل إلى الأول لأنه لم يترك واجبا ، ولا إلى الثاني ، لأنه تكليف بالمحال.
والجواب عنه أنه
يمكن القول بكلّ من الاحتمالين ، فإن قلنا بالأول ، نقول : إنه يستحق العقاب على
ترك الحج ، لا على ترك مقدّمته ، لأنّ ترك الشيء يصدق بترك آخر مقدّماته الممكنة ،
وإن قلنا بالثاني ، نقول : إنه يعاقب على تركه الواجب الّذي كان متمكنا منه ، ولا
يلزم مقارنة القدرة مع زمان العصيان.
( في اعتبار الإيصال أو
قصد التوصّل في المقدّمة )
وجوب المقدمة يتبع
وجوب الواجب من حيث الإطلاق ، والاشتراط ، والتعيين ، والتخيير ، وغير ذلك [١] ، فمقدّمات الواجب المطلق واجبة مطلقا ، ومقدّمات الواجب المشروط مشروطة بشرط
الواجب بعينه ، ولا يعقل اشتراطها بغيره.
وليس التخيير بين
أنواع المقدّمات للواجب التعييني إلاّ كالتخيير بين أفراده فلا يتوهّمن المخالفة
بين الواجب ومقدّمته من هذه الجهة ، ولا يعقل أن يكون شرطا في وجوبها ، إلاّ ما هو
محقّق لمفهومها أعني توقف وجود الواجب عليها.
فما نسب إلى صاحب
المعالم من توقف وجوب الواجب الغيري على إرادة الغير ، وإلى صاحب الفصول من توقف
وجوب المقدّمة على الإيصال ، فهو ناش من عدم التأمل في كلامهما ، ومقام هذين
الفحلين المبرّزين أسمى من ذلك
[١] إشارة إلى غير
ما ذكره نحو العينيّة والكفائية وغيرهما. ( مجد الدين ).