علمه بمقدّميّتها
لأنّ المدّعى أنه لو علم والتفت أراد المقدّمات.
ومثل هذا الفرض
أعني الغفلة وعدم العلم قد يكون في الواجبات النفسيّة ، كما لو غرق ولد المولى وهو
لا يعلم ، أو لا يعلم أنّ الغريق ولده ، فإن الطلب الفعلي وإن لم يكن متحقّقا
لتوقفه على الالتفات المفروض عدمه ، ولكن من المعلوم أنه يكفي في ترتب جميع آثار
الأمر من الثواب والعقاب على العلم بأنه لو التفت لأمر.
هذا ، وقد استدلّ
بغير هذا من الوجوه الكثيرة المذكورة في المطوّلات ، ولا يخلو جميعها عن خلل وفساد
، ولنذكر من باب النموذج وجها واحدا منها هو كالأصل لغيرها ، بل هو الأصل في هذه
المسألة ، وسائر الوجوه عبارات شتّى عنه ، وتقريرات مختلفة له ، وهو ما ذكره أبو
الحسين البصري [١] ، وملخّصه :
أنّ المقدمة لو لم
تكن واجبة لجاز تركها فحينئذ [٢] إن بقي الواجب على وجوبه لزم التكليف بالمحال ، وإلاّ خرج
الواجب عن كونه واجبا مطلقا.
والجواب عنه أنّ
ما أضيف إليه الظرف بقوله : وحينئذ. إن كان الجواز نختار بقاء الواجب على وجوبه ،
ولا يلزم منه التكليف بالمحال ، لأنّ تأثير الوجوب في القدرة غير معقول ، وإن أراد
الترك مع كونه جائزا ، فنختار الثاني ، ولا يلزم منه خروج الواجب عن كونه واجبا ،
لأنّ أمر الآمر يسقطه العصيان ، كما يسقطه الإطاعة.
وإلى هذا الوجه
يرجع ما ذكره السبزواري من أنّ المقدّمة إن لم
[١] قد ذكرنا ترجمته
وكتبه ووفاته مفصلا في كتابنا المسمّى بالفوائد الرضويّة في شرح الفصول الغروية. (
مجد الدين ).
[٢] ذهب صاحب
المعالم وغيره إلى أنّ قوله : وحينئذ. أي حين الجواز ، وذهب السبزواري رحمه الله
وغيره إلى أنّ قوله : حينئذ. أي حين الترك ، وذهب الشيخ رحمه الله بأن المراد هما
معا أي حين الترك على وجه الجواز. ( مجد الدين ).