وحيث إنّ الرابع
كان مختار صاحب المعالم استدل على نفي الدلالة اللفظية بانتفاء الدلالات الثلاث ،
وعلى نفي الملازمة العقلية بعدم المانع العقلي من تصريح الآمر بذي المقدمة بعدم
وجوب المقدّمة [١] ، فمختاره ـ كما نبّه عليه ـ الجدّ ـ العلاّمة في الهداية
ـ ملفّق من أمرين هما : نفي الدلالة والملازمة ، فاستدلّ على كلّ منهما بدليل ،
ولهذا اعترض على الفاضل المحشّي في جعله كلاّ من الوجهين دليلا مستقلا [٢].
هذا ، وقال الشيخ
الأستاذ ـ طاب ثراه ـ في الكفاية ، ما نصه : « والكلام في استقلال العقل بالملازمة
وعدمه ، لا لفظية كما يظهر من مباحث المعالم ، حيث استدلّ على النفي بانتفاء
الدلالات الثلاث ، مضافا إلى أنه ذكره في مباحث الألفاظ ، ضرورة أنه إذا كان نفس
الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ثبوتا محلّ الإشكال ، فلا مجال لتحرير
النزاع في الإثبات ، والدلالة عليها بإحدى الدلالات الثلاث كما لا يخفى » [٣] انتهى.
وقد عرفت أنّ
الدلالة اللفظية لا تتوقف على الملازمة العقلية ، فلا موقع هنا للفظي الثبوت
والإثبات.
وأما مؤاخذته
بذكره في مباحث الألفاظ ، فعلى فرض كون النزاع في الملازمة العقلية فقط ، فإنه
يكفي في ارتباط البحث بها كون الوجوب مدلولا للأمر كما نبّه عليه العلاّمة ـ الجدّ
ـ في الهداية [٤] ، وكون الدالّ على الوجوب غالبا هو اللفظ ، وقد ذكروا في
مباحث الألفاظ ما هو مثله أو أبعد منه عنها كجواز اجتماع الأمر والنهي ، وهذا
المعترض قد تبعهم في ذلك.