ومنهم [١] من جعل عنوان المسألة : ما لا يتمّ الواجب إلاّ به [٢] ، ولعلّه نظر إلى أنّ لفظ المقدّمة ظاهر في العلّة وأجزائها ، والبحث في أعمّ
منها ومن غيرها ممّا لا يتم إلاّ به كرفع الضد الشاغل لحيّز مّا لتحلّ محلّه الضدّ
الآخر ، فإنّ رفعه ليس من أجزاء العلّة ، وفيه كلام [٣] يأتي في مسألة الضدّ إن شاء الله.
والمشهور لدى
المتأخرين : إنّ البحث هنا في إيجاب الملازمة العقلية بين إيجاب الشيء وبين إيجاب
مقدّماته ، وعدمه ، فعلى هذا ينبغي ذكر هذا البحث في عداد مباحث المبادئ الأحكامية
عند تقسيم الحكم إلى الخمسة المعروفة ، وإلى الوضعي والتكليفي كما صنعه جماعة
أوّلا ، ففي الأحكام العقليّة لأنّ ثبوت الملازمة بينهما حكم عقلي صرف كما صنعه
آخرون.
ويمكن أن يكون
الكلام في ثبوت الدلالة اللفظية للهيئة على وجوب المقدّمة وعدمه ، فيدّعي القائل
بالوجوب دلالة اللفظ عليه كما ادّعى غيره دلالته على الفور والتكرار ، فالبحث إذن
يناسب مباحث الألفاظ.
ويمكن أن يكون
الكلام فيهما معا ، إذ لا ملازمة بين المقامين ولا غناء لأحدهما عن الآخر ، فيمكن
القول بثبوت الملازمة العقليّة ، وعدم الدلالة اللفظية ، وبالعكس كما في الفور
والتكرار على القول بهما ، أو بثبوتهما معا ونفيهما كذلك.
[٣] لعلّ وجه الكلام
أنّ رفع الضد الشاغل للحيّز من أجزاء العلّة التامة ، لأن شغل الحيّز مانع عن حلول
الضد الآخر ، ولا ريب أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامة ، كما لا يخفى على
المحصّل الأديب أن يلاحظ مسألة الضدّ بالدقّة إن شاء الله تعالى. ( مجد الدين ).