و لا يلزم أن يكون الشيء بحسب الواقع موافقا لغرضه و صلاحه، لأنّ ما يتوقّف عليه تحقق الإرادة هو تشخيص الفاعل صلاحه و موافقته لغرضه و تصديقه بذلك و لو كان مخالفا للواقع، فربّما تتعلّق إرادته بما هو مخالف لصلاحه و مضرّ و مهلك له لسوء تشخيصه و خطائه.
ثمّ إنه قد تتعلّق الإرادة بشيء لأجل نفسه و تشخيص صلاح فيه، و قد تتعلّق به لأجل غيره و توقّف الغير عليه، و في هذا- أيضا- لا يمكن تعلّقها به إلاّ بعد تصوّره و التصديق بكونه مقدمة لمراده النفسيّ، و لا تتعلّق بما هو في نفس الأمر مقدمة، ضرورة امتناع تعلّقها بالواقع المجهول عنده، و لا بالمعلوم بجهات أخرى غير المقدميّة، بل قد تتعلّق بما يراه مقدمة خطا، فميزان تعلّق الإرادة هو تشخيص الفاعل، لا الواقع.
و معنى تبعيّة إرادة المقدمة لذي المقدمة ليس نشوؤها و تولدها منها، بحيث تكون إرادة ذي المقدمة موجدة لإرادتها كما هو ظاهر تعبيراتهم [1]، بل معناها أنّ الفاعل بعد تشخيص التوقّف يريد المقدمة بعد تحقّق مبادئها لأجل تحصيل ذي المقدّمة لا لنفسها.
فاتّضح: أنّ الملازمة في الإرادة الفاعليّة إنّما تكون بين إرادة ذي المقدّمة و إرادة ما يراه مقدّمة، لا بمعنى كون إحداهما لازمة للأخرى، بل بمعنى تحقّق كلٍّ منهما بمبادئها، و تبعيّة إحداهما في تعلّق الإرادة بها لكونها غيريّة و لا تكون الملازمة بين إرادة ذي المقدمة و مقدّمته الواقعيّة،