ثمّ إنّ التحقيق الموافق للارتكاز العرفيّ و الاعتبار العقلائي: هو أنّ لفظ المشتق الاسمي القابل للحمل على الذوات- كأسماء الفاعل و المفعول و أضرابهما من أسماء المكان و الزمان و الآلة- موضوع لأمر وحدانيّ قابل للانحلال إلى معنون مبهم و عنوان دون النسبة، كما يشهد به تسميتها باسم الفاعل و اسم المفعول، و نعم التسمية.
فإنّا إذا سمعنا لفظ «الأبيض و الأسود و الضارب و المضروب» لا يقع في ذهننا إلاّ المعنون بها، لكن بنحو الوحدة، فنجد فرقا بين معنى «الأبيض» و بين «الجسم»، و كذا بينه و بين شيء له البياض، فكأنّه أمر متوسّط بينهما:
فلفظ «الجسم» بسيط- دالا و دلالة و مدلولا- غير قابل للانحلال.
و قوله: شيء له البياض أو شيء معنون بالأبيضيّة، يدلّ بالدلالات المستقلاّت المنفصلات على المعاني المفصلة المشروحة.
و أما «العالم» فيدلّ على أمر وحدانيّ منحلّ في عالم الدلالة إلى معنون و عنوان، كأنّهما مفهومان بدلالة واحدة، فيكون لفظ «العالم» دالا على المعنون بما هو كذلك، لا بنحو التفصيل و التشريح، بل بنحو الوحدة، فالدلالة و الدالّ و المدلول لكلّ منها وحدة انحلاليّة في عالم الدلالة و الداليّة و المدلوليّة.