فالجوهر و العنصر و المعدن و النبات و الحيوان و الناطق مأخذها و محكيّها هي الحقائق المتحدة بعضها مع بعض من المادّة الهيولانيّة المترقّية في مدارج الكمالات إلى منزل الإنسان، ففي كلّ منزل تكون المادّة متّحدة مع الصورة، و هذا الاتّحاد مناط صحّة الحمل و اللا بشرطيّة في المفاهيم المأخوذة منهما، و للعقل أن يجرّد المادّة عن الصورة و يراهما بحيالهما و منحازة كلّ عن الأخرى، و في هذا اللحاظ التجريدي الانحيازي يكون مفهوم كلٍّ مستعصيا على الحمل.
كما أنّ الصور المتدرجة في الكمال إذا وقفت عند حد، تكون بشرط لا بالنسبة إلى الحدود الأخرى، و المفهوم المأخوذ منها بشرط لا بالنسبة إلى حدود اخر، و إن كان لا بشرط بالنسبة إلى مصاديقه، فالشجر هو النبات الواقف، أي بشرط لا و النامي هو الحقيقة المتدرّجة في الكمال، أي لا بشرط، و التفصيل موكول إلى محلّه.
و المراد أنّ اللا بشرطيّة و البشرط لائيّة ليستا جزافيتين تابعتين لاعتبار المعتبر، فحينئذ نقول: لا يمكن أن تكون الهيئة لنفس إخراج المادّة عن البشرط لائية إلى اللا بشرطيّة من غير أن تكون حاكية لحيثيّة بها صار المشتقّ قابلا للحمل، فإنّ نفس الحدث غير قابل للحمل، و لم يكن متّحدا في نفس الأمر مع الذات، فقابليّة الحمل تابعة لحيثيّة زائدة على الحدث المدلول عليه بالمادّة فلمادّة المشتقّات معنى و لهيئتها معنى آخر به صار مستحقّا للحمل، و هذا عين التركيب.