responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
بالحذر عن أنفسهم على أن إضمار الفاعل مع وجود ما يصلح لأن يكون فا علا في الكلام خلاف الأصل و أيضا إرجاع الضمير المفرد إلى الجمع غير ملائم إلاّ بتأويل كلّ واحد واحد و هو تكلف و على تقدير تسليمه يبقى أن تصيبهم بلا عامل لأن الحذر لا يتعدى إلى مفعولين فإن قلت فليكن مفعولا له للحذر أو للمخالفة قلت إصابة الفتنة ليست علة للحذر لامتناع اجتماعها معه و لا للمخالفة لأن المفعول له غرض لفاعل الفعل المعلل به و المخالفون ليس غرضهم إصابة الفتنة فإن قلت فليكن التقدير كراهته أن تصيبهم فتنة فيصلح أن يكون مفعولا له قلت هذا التقدير غير محتاج إليه و قد يقال علي تقدير إسناد الفعل إلى المفعول يثبت وجوب الحذر عن مخالفة الأمر أيضا و ذلك لأنه لو وجب الحذر عن مخالف الأمر وجب الحذر عن نفس مخالفة الأمر بطريق أولى فتدبّر و منها قوله تعالى في سورة و المرسلات و إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون وجه الدلالة أنّه تعالى ذمهم على الامتناع عما أمروا به و مخالفتهم له عقيب الأمر لقوله تعالى لا يركعون فإنه ليس باق على حقيقته و هو الإخبار فتعين أن يكون للذّم و لو لا أن صيغة افعل للوجوب لما حسن الذّم لا يقال إنا نمنع من كون الذم على ترك المأمور به لجواز أن يكون على تكذيب الرّسل في التّبليغ لقوله تعالى ويل يومئذ للمكذبين أو على استكبارهم لأنه قيل إنها نزلت في ثقيف حين أمرهم النبي صلى الله عليه و آله و سلم بالصّلاة فقالوا لا تنحن فإنه مسبة علينا فقال صلى الله عليه و آله و سلم لا خير في دين ليس فيه ركوع و لا سجود لأنا نقول ما ذكر باطل لأن ظاهر الآية الشريفة كما صرّح به جملة من المحققين يدل على ترتب الذّم على مجرّد الترك و الويل على التكذيب و الاحتمالات البعيدة غير قادحة و لا يقال إن الصيغة قد تفيد الوجوب بالقرينة فلعلّ الأمر بالركوع كان مقرونا بها لأنا نقول هذا الاحتمال باطل لمخالفته الظاهر و اندفاعه بالأصل و منها قوله تعالى في سورة الأعراف و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكن من السّاجدين قال ما منعك ألاّ تسجد إذا أمرتك وجه الدلالة أنّه تعالى ذمّه على ترك السّجود المأمور به بقوله تعالى ما منعك فإن الاستفهام ليس على حقيقته لاستحالته عليه تعالى فتعين أن يكون للإنكار و التّوبيخ و لو لا أنها للوجوب لما استحق الذّم بمجرّد الترك لا يقال الآية الشريفة دلّت على أن الأمر للوجوب و لا دلالة فيها على أنّ الصّيغة له لأنّا نقول المراد بالأمر فيها صيغة اسجدوا كما صرّح جماعة من المحققين و ليس المراد المركب من أم‌ر و إذا ثبت أن الصّيغة المذكورة للوجوب ثبت كون غيرها من سائر الصّيغ الأمرية له للأصل و عدم القائل بالفصل و لا يقال غاية ما استفيد من الآية الشّريفة أن الأمر يومئذ كان للوجوب و لا يلزم أن يكون في زمان الشرع كذلك لأنا نقول ذلك مدفوع بأصالة عدم النقل و لا يقال السّجود لعلّه كان مندوبا و إنما استحق إبليس لعن الله الذّم لاستكباره و لا ريب أن تارك المندوب استكبارا يستحقه و يقوي هذا قوله تعالى و استكبر و كان من الكافرين لأنا نقول هذا باطل لأنه تعالى رتّب الذّم و التوبيخ على مجرّد مخالفة الأمر من حيث هو أمر فلا يمكن أن يكون الوجه فيها غير ذلك و لا يقال إن الأمر يومئذ لعلّه كان مقرونا بما يدلّ على الوجوب لأنا نقول هذا مدفوع بالأصل فتأمل و لا يقال إن غاية ما دلت عليه الآية الشريفة أن أمره تعالى له و لا دلالة فيه على أن أمر غيره له لأنا نقول هذا مدفوع بالأصل و ظهور الاتفاق على عدم الفرق و منها قوله تعالى و من يعص اللّه و رسوله فإن له نار جهنّم خالدين فيها أبدا وجه الدلالة أنّه تعالى أوجب العقاب على كل عاص و كلّ تارك للمأمور به عاص لقوله تعالى أ فعصيت أمري و لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون و لا أعصي لك أمرا و قد صرّح جملة من المحققين بأن العصيان عبارة عن ترك المأمور به بل حكى العضدي عليه الإجماع و فيه نظر لعدم جواز حمل الآية الشريفة على عمومها قطعا فيلزم تخصيصها بمن يستحق الخلود و معه يسقط الاستدلال بها في محلّ البحث فتأمل و مع هذا فقد قيل إن العصيان يتحقق في ترك المندوب أيضا و إنّه ليس عبارة عن ترك المأمور به و إلاّ لكان قوله تعالى و يفعلون ما يؤمرون عقيب قوله لا يعصون اللّه ما أمرهم تكرارا خاليا عن الفائدة و منها جملة من الأخبار منها خبر يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام يا يونس ملعون من ترك أمر اللّه إن أخذ برّا دمرته و إن أخذ بحرا أغرقته فغضب بغضب الجليل تعالى الحديث و منها خبر زرارة و محمّد بن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السّلام ما تقول في الصّلاة في السّفر كيف هي و كم هي فقال إن اللّه تعالى يقول إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا إنما قال اللّه تعالى ليس عليكم جناح و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التّمام في الحضر فقال عليه السلام أ و ليس قال اللّه تعالى إن الصّفا و المروة من شعائر اللّه فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف أ لا تأمرون النّاس بأن الطّواف بهما واجب مفروض لأن اللّه تعالى ذكره في كتابه و وصفه نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و كذلك التقصير وجه الدلالة أن صيغة افعل لو لم تكن للوجوب لما صحّ

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست