responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 112
لكان الحذر عنه سفها و لذا يلام من يحذر عن سقوط الحذار المحكم الصّحيح و هو محال بالنّسبة إليه تعالى و إذا ثبت وجود المقتضي ثبت أن الأمر للوجوب لأن المقتضي للعذاب هو مخالفة الواجب لا المندوب كذا أفاد جماعة و أورد عليهم بالمنع من انحصار حسن الحذر في قيام المقتضي للعذاب بل يحسن عند احتمال نزول العذاب و مثله كثير في الشريعة كأمرهم بترك الطهارة من الماء المسخن بالشمس حذرا عن إصابة البرص و كأمرهم بترك الأكل و الشّرب على الجنابة حذرا عن الفقر و الحاصل أن الحذر يكون واجبا لو كان العقاب معلوما أو مظنونا و يكون حسنا و ندبا لو كان محتملا و يمكن الدّفع بأن احتمال قيام المقتضي له كاف في كون الأمر للوجوب إذ احتمال العذاب منتف على تقدير عدم الوجوب لقبح الظلم و أمّا ما ذكر من أن احتمال العقاب قد يتحقق و لا يجب الحذر كالأمثلة المتقدمة فمدفوع لأن هناك لم يتحقق احتمال العقاب و إلاّ لزم الظلم القبيح عليه تعالى لأن العقاب من فعله تعالى و لا يحتمل صدوره عنه إلاّ على ترك الواجب و فعل المحرم نعم حسن الحذر فيها لأجل احتمال ترتب مضرة دنيوية بناء على علاقة ذاتية بينهما و الآية الشريفة دلت على أن حسن الحذر لأجل ترتب العقاب فتأمل و لا يقال قوله تعالى عن أمره مطلق فلا يعم جميع أوامره فيكون الدّليل أخصّ من المدّعى لأنا نقول أخصّية الدّليل من المدّعى هنا غير قادح لإمكان التتميم بعدم القائل بالفصل و قد صرّح به بعض المحقّقين على أنا نمنع من إطلاق الأمر في الآية الشريفة بل هو عام لأن إضافة المصدر حيث لا عهد تفيد العموم مثل ضرب زيد و شتم عمرو و آية ذلك صحة الاستثناء فإنه يصح أن يقال فيها فليحذر الّذين يخالفون عن أمره إلاّ الأمر الفلاني و قد صرّح بما ذكر جماعة من المحققين و أورد عليهم أن المصدر عام بالنسبة إلى ما أضيف إليه إذا كان المراد منه المدلول المصدري و الأمر في الآية الشريفة محمول على ما يطابق عليه من الصّيغ و أن الأمر لو كان عاما لما تم المطلوب إذ يصير المعنى حينئذ أنّ من خالف جميع الأوامر فليحذر و لا يلزم من ذلك الأمر بحذر من خالف أمرا واحدا و في كلا الوجهين نظر أمّا الأوّل فلأن الأصل حمل المصدر على حقيقته و لا دليل هنا على صرفه عن الحقيقة سلمنا و لكن يجب حمل الإطلاق على هذا التقدير على العموم إمّا لما ذكره بعض المحققين من أن النكرة المضافة تفيد العموم مطلقا و لو لم يكن مصدرا أو لما ذكره نجم الأئمة فيما حكي عنه من أن اسم الجنس إذا استعمل و لم يكن قرينة تخصّصه ببعض ما يقع عليه فهو في الظاهر للاستغراق أخذا من استقراء كلامهم أو لأن العموم مفهوم هنا عرفا أو لأنه لو لم يحمل هذا الإطلاق على العموم يلزم الإجمال و هو خلاف الأصل و بالجملة لا إشكال في ظهور الإطلاق المفروض في العموم كما في قوله تعالى أحل اللّه البيع و قوله عليه السلام خلق اللّه الماء طهورا و يؤيّده تعليق الحكم في الآية الشريفة على الوصف و هو مخالفة الأمر إذ هو يشعر بالعلية فيفيد شمول الحكم لجميع الأفراد فتأمل و أمّا الثاني فلظهور ترتب الحكم على كل فرد لا على المجموع من حيث هو فتأمل و لا يقال أن الضمير في أمره مجمل المرجع لاحتمال رجوعه إلى اللّه تعالى و إلى رسوله فلا يمكن الحكم بأن أمر اللّه تعالى أو الرسول صلى الله عليه و آله و سلم على التعيين للوجوب لأنا نقول إجمال المرجع هنا غير قادح بعد عدم وجود القول بالفصل بين أمره تعالى و أمر رسوله صلى الله عليه و آله و سلم فإن من قال بالوجوب في الأوّل قال به في الثاني و بالعكس كذا قيل و فيه نظر لوجود القائل بالفصل و هو الأبهري المتقدم إلى قوله الإشارة اللهم إلاّ أن يدعى شذوذه و ندرته مضافا إلى أصالة عدم النقل و بها يمكن دعوى أن كلّ أمر للوجوب و لو لم يكن من اللّه تعالى و رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و لا يقال إن الآية الشريفة إنما دلّت على أن الأمر للوجوب و لا دلالة فيها على أن صيغة افعل له لأنا نقول هذا باطل لأن الظاهر أن المراد بالأمر ما صدق عليه مما كان على وزن افعل و غيره مما قام مقامه في الدّلالة على طلب الفعل وضعا فتدبّر و لا يقال إن الآية الشريفة لا دلالة فيها على نفى اشتراك الأمر بين الوجوب و النّدب بل يحتمله لاحتمال أن يكون كلمة أو للتقسيم لا التّرديد المحض فاللازم حينئذ إصابة الفتنة لبعض و هو الّذي يترك المستحب كما اتفق لآدم عليه السّلام فإنه أصابه ما أصابه و العذاب لآخر و هو الذي يترك الواجب لأنا نقول ذلك فاسد أمّا أوّلا فلأنه يلزم أن يكون كلّ من ترك المستحب مصابا به الفتنة و هو مقطوع بالفساد و أمّا ثانيا فللزوم استعمال المشترك في معانيه من غير قرينة و هو ممنوع منه عند أكثر الأصوليين و إن جوّزه بعض إذ لا قرينة إلاّ كلمة أو و هي لا تصلح لذلك لاحتمال التنويع و لا يمكن أن يقال إن أمره تعالى للنّدب لأن تارك المندوب لا يصيبه العذاب فتعين أن يكون أمره تعالى للوجوب و يلحق أمر غيره بأمره تعالى بأصالة عدم النقل و لا يقال الاستدلال إنما يتم لو كان الموصول فاعلا ليحذر و هو ممنوع لجواز أن يكون مفعولا أقيم مقامه فلا يتوجّه الأمر بالحذر إلى مخالف الأمر فلا يتم الاستدلال لأنا نقول ذلك باطل لأن إسناد الفعل إلى الفاعل أقوى من إسناده إلى المفعول كما قرر في محلّه لا يقال الفاعل مضمر و الموصول مفعول فيكون المأمور بالحذر من تقدم ذكرهم و هم الّذين يتسللون منكم لواذا لأنا نقول المتسللون هم المخالفون عن أمره فكيف يصح

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست