responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 171
تستفاد منها العلقة فاستعمالها في الاتفاقيات ليس استعمالا حقيقيا و في المورد الثاني أن هذه العلقة هي علية الشرط على وجه الاستقلال دون المعلولية لعلة ثالثة و لا التضايف و لا معلولية الشرط للجزاء كما عرفت فهل يستفاد منها انحصار العلة التامة في الشرط كأن لا يكون من أفرادها هو العلة حقيقة أو لا يستفاد ذلك منها و هذا هو النزاع المعروف بين القوم فالمثبتون على أن الجملة ظاهرة في انحصار العلة التامة في الشرط و لذلك يحكم بانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط و لو مع قيام احتمال شرط آخر مقامه إذ ذلك الاحتمال مدفوع عندهم بظهور الانحصار من اللفظ فلا يعتنى به و المانعون على أنه لا يستفاد منها ذلك و ربما يحتمل أن يكون وجه المنع التأمل في أحد الموردين المتقدمين كما يتراءى من بعضهم لكن استدلال السيّد باحتمال قيام سبب آخر مقام الشرط ينادي بتسليمه الموردين و إنما النزاع في الثالث كما لا يخفى و هل الأصل يقتضي ثبوت المفهوم أو عدمه قد يقال بالثاني لأصالة عدم اعتبار الواضع في مدلول الأداة التعليق على وجه خاص و إن ذلك الأصل مما لا عبرة به لمكان المعارضة كما هو ظاهر و الحق أن مقالة القائل بالمفهوم مطابقة للأصل سواء كان نفس الحكم المذكور في المنطوق مخالفا للأصل كما إذا كان مثل الوجوب و الحرمة أو مطابقا كالإباحة أما في الأول فظاهر لأصالة عدمه في غير مورد اليقين و أصالة براءة الذمة عن الشواغل الشرعية عند عدم ما يدل عليها و أما في الثاني فلأن تعليل الإباحة و تعليقها على الشرط يشعر بأن تلك الإباحة الثابتة في المنطوق ليست إباحة مطابقة للأصل و إلا لم يحتج إلى التعليل بالعلّة المذكورة و لا شك أن هذه الإباحة عند الشك فيها محكومة بالعدم و ليس ذلك قولا بالمفهوم كما هو ظاهر و ذلك نظير ما قيل من أن قوله إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شي‌ء يفيد أن الأصل في الماء انفعاله بالملاقاة فإن تعليق عدمه بالكرية يفيد ذلك بحسب الأصل و هو ظاهر ثم إن القول بالمفهوم هو المشهور على ما نسبه جماعة و ذهب السيّد من أصحابنا إلى عدمه و اختاره بعض المتأخرين أيضا كالشيخ الجليل الحر العاملي رحمه الله و الحق كما أشرنا إليه هو الأول لنا قضاء صريح العرف بذلك فإن المنساق إلى الأذهان الخالية من الجمل و الشرطية هو التعليق على وجه ينتفي الحكم بانتفاء الشرط و كفانا بذلك دليلا و حجة ملاحظة الاستعمالات الواردة في العرف و ذلك لا ينافى ثبوت استعمال الجملة في معنى آخر فإن باب المجاز غير منسدّ و لم يزل البلغاء و الفصحاء يستعملونه في موارد تقضي بها الحال فما حكي عن الفوائد الطوسية من أنه تجشم باستخراج مائة مورد بل و أزيد من القرآن الكريم لا دلالة فيها على المفهوم فهو تكلف من غير حاجة إذ لا نزاع في ثبوت ذلك في الجملة و لا يوجب ذلك وهنا في قضاء العرف بثبوت المفهوم و إلى ما ذكرنا يرجع استدلال البعض باستدلال أهل اللسان بالمفهوم في موارد جمة كما ورد ذلك في جملة من الأخبار و هي مذكورة في الإشارات و لا ينافي ما ذكرنا من ثبوت المفهوم ما ذكره أهل الميزان من أن القياس الاستثنائي وضع المقدم فيه ينتج وضع التالي كما أن رفع التالي ينتج رفع المقدم و أما رفع المقدم فلا ينتج رفع التالي و لو كان المستفاد من الجمل الشرطية هو سببية الشرط للجزاء كانت النتيجة المذكورة أولى بالثبوت من غيرها و وجه عدم المنافاة أن مقصود المنطقيين و محط نظرهم في القياس الاستثنائي الاستدلال بالملازمة و الاستكشاف منها على وجود أحد طرفيها أو عدمه و لا شك أن صرف الملازمة بين الشيئين لا دلالة فيها زيادة على ما ذكروه من ثبوت اللازم عند ثبوت الملزوم و من انتفاء الملزوم عند انتفاء اللازم و أما ثبوت اللازم فلا يدل على ثبوت ملزوم خاص لجواز كونه أعم كما أن نفي الأخص لا يلازم نفي الأعم كما يظهر من قولك لو كان هذا إنسانا كان حيوانا فإن نفي الإنسان لا يلازم نفي الحيوان كما أن إثبات الحيوان لا يلازم إثبات الإنسان و لذلك لم يذكروا ذلك في عداد النتائج الحاصلة من الاستثنائي و حيث كانت الجملة الشرطية مفادها ثبوت الملازمة جعلوا تلك الجملة أمارة على ما راموه من الاستنتاج كما عرفت و ليس ذلك لأجل اختصاص تلك الجملة بإفادة الملازمة على وجه لا يلزم من نفي المقدم نفي التالي و الحاصل أنه حيث كان مقتضى الترتيب الطبيعي عند إرادة الاستنتاج أن يجعل ما هو الأعم مذكورا في التالي و ما هو الأخص في المقدم و كان ثبوت الخاص دليلا على ثبوت العام و عدم العام دليلا على عدم ثبوت الخاص اقتصروا في النتيجة على ما ذكروا و أين ذلك من انحصار مدلول الجملة الشرطية فيما لا يلزم من عدم المقدم عدم التالي و بالجملة فمنشأ ذلك اختلاف أنظارهم احتج المنكرون بوجوه الأول ما عزاه جماعة إلى السيّد و هو أن تأثير الشرط إنما هو تعليق الحكم به و ليس يمنع أن يخلفه و ينوب منابه شرط آخر يجري مجراه و لا يخرج عن كونه شرطا فإن قوله تعالى فاستشهدوا شهيدين من رجالكم يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه شاهد آخر فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ثم علمنا أن ضمّ امرأتين إلى الشاهد الأول شرط في القبول ثم علمنا أن ضم اليمين إلى الأول يقوم مقامه أيضا فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن يحصى مثل الحرارة فإن انتفاء الشمس لا يلزم انتفاء الحرارة لاحتمال قيام النار مقامه و الأمثلة لذلك كثيرة شرعا و عقلا و الجواب أن ما أفاده مما لا ينافى ما نحن بصدده فإن ظاهر الاستدلال ناظر إلى إمكان نيابة شرط عن شرط فكأنه جعل النزاع في أمر عقلي فحاول رفع امتناع

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست