responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 125
غيره لأن كلا منهما سبب للترك بالنسبة إلى الإتيان بالواجب المضيق في زمان الضد و إن كان الأول رافعا للتمكن بالنسبة إلى تمام العمر أو تمام الوقت فتدبر في المقام حتى يظهر لك بطلان هذا التفصيل بما لا مزيد عليه و أما القول الثاني و هو قول البهائي فقد أشرنا إلى ما فيه عند تحرير الأقوال إذ قد ذكرنا أن هذا القول إن لم يرجع إلى اقتضاء الأمر بالشي‌ء النهي عن الضد كان بمعزل عن التحقيق و قلنا إن صحة العبادة لا يحتاج إلى تعلق الأمر بها إذا كانت مندرجة تحت عنوان مأمور به بل يكفي في صحتها انطباقها على ذلك العنوان و قلنا إن الوجوب الثابت للطبائع لا يسري إلى الأفراد و إلا لزم كون جميع الأفراد واجبات عينية إذا كان الأمر المتعلق بالكلي أمرا عينيا لا غيريا و نزيد هنا في تزييف هذا القول الذي ذهب إليه بعض من متأخري المتأخرين كصاحب الرياض على ما صرح به في مبحث العلم بغصبية الثوب و نقول إن القول بأن الأمر بالشي‌ء يقتضي عدم الأمر بضده لا النهي عنه لا دليل عليه إلا دعوى كون الأمر بالضدين تكليفا بالمحال فلا بد من الحكم بعدم تعلق الأمر بأحدهما إذا ثبت وجوبه الآخر عينيا و فيه أنه إن أردت من تعلق الأمر بالضدين تعلق الأمر الشرعي أو العقلي بهما عينيا أو تخييريا شرعيا أو عقليا فالأمر كما ذكرت من كونه تكليفا بالمحال و لكن مصادمة فرد من أفراد الواجب الموسع مع الواجب المضيق ليس من هذا القبيل لأن الفرد بخصوصه ليس ما ورد فيه أمر شرعي أو عقلي عينيا أو تخييريا لأن معنى كون الفرد مأمورا به كون الكلي الذي هو فرده مطلوبا للشارع ثم انطباق ذلك الفرد على ذلك الكلي فليس الفرد في فرديته مأمورا به في شي‌ء و ما يقال من توقف صحة العبادة على الأمر فليس معناه إلاّ ورود الأمر على عنوان تلك العبادة و طبيعتها مثلا إذا قال الآمر ائتني برجل فالمأمور به هنا إنما هو الإتيان بالكلي المنطبق على خصوصيات الإتيان بحسب الزمان و المكان و المأتي به و أما خصوصيات الإتيان و أفرادها فلم يتعلق بها عن الكلي انطباقه عليها و حصوله في ضمنها و ما يقال من أن حكم الطبيعة لا بد و أن يسري إلى الأفراد نظير سريان الحلاوة الثابتة لطبيعة التمر إلى جميع أفراده فجوابه أن أحكام الطبائع و لوازمها مختلفة فمنها ما هو ثابت لها من حيث هي مع قطع النظر عن الوجود الذهني و الخارجي و منها ما هو ثابت لها بشرط وجودها في الخارج و منها ما هو ثابت لها بشرط الوجود الذهني كما في القضايا الطبيعية مثل قولنا الإنسان نوع و الحيوان جنس و أمثال ذلك و ما ذكر من السريان إنما هو مسلم في الأولين و أما في الثالث فمن الواضح امتناع السريان فيه و إلا لكان كل فرد من أفراد الحيوان جنسا و الوجوب العارض للماهيات من هذا القبيل فإنه ليس عارضا للطبيعة من حيث هي هي و لا بها بشرط وجودها في الخارج بل يعرض لها بشرط وجودها الذهني و إنما قلنا كذلك لأن الوجوب في الحقيقة ليس من صفات الماهية بل هو عبارة عن الطلب القائم بنفس المتكلم المتعلق بإيجاد تلك الطبيعة و طلب الإيجاد لا يمكن أن يعتبر فيه بشرط كون المطلوب في الذهن دون الخارج و إن أردت من تعلق الأمر بهما تعلق الأمر بأحدهما و بكلي الآخر فما ذكرت من كونه تكليفا بالمسمى ممنوع لأن المسمى أنما هو طلب الأمرين لا طلب أحدهما و الظاهر انطباق الآخر على المطلوب لا يقال كل ما ذكرت بعد تسليمه أنما يقضي بعدم تعلق الأمر الشرعي بالفرد لا عينا و لا تخييرا و أما الأمر العقلي التخييري فليس في وسعك إنكار هذا لأن العقل إذا وجد تعلق الأمر بالكلي حكم بكون كل واحد من أفراده مطلوبا على جهة التخيير و هذا الطلب العقلي التخييري أيضا يستحيل اجتماعه مع طلب ضده عينا لأنّا نقول إن أردت بالتخيير العقلي حكم العقل بكون الأفراد مطلوبة للشارع على سبيل التخيير فهذا يرجع إلى التخيير الشرعي إذ لا نعني بالتخيير الشرعي إلا طلب الشارع أشياء على جهة التخيير كالخصال و هذا أول الكلام و إن أردت بالتخيير العقلي أن العقل إذا وجد تعلق الأمر بعنوان كلي و لم يجد التخصيص حكم بحصول الامتثال في ضمن كل فرد فهذا بعينه هو الانطباق الذي ادعينا كونه كافيا في الامتثال و أنه ليس من الطلب في شي‌ء فإن قلت إن الذي سميته بانطباق الفرد على الكلي هو الذي يعدّ أمرا عرفا و حكمه حكم الأمر الصريح في صحة العمل و سقوط التكليف و حصول الإجزاء و ترتب الثواب و العقاب و الإطاعة و العصيان و غيرها من أحكام المأمور به سميته بالأمر أم لا و لا ريب في استحالة هذا الانطباق في أحد الضدين على وجه يؤثر في الصحة مع تعلق الأمر بالضد الآخر قلت هذا ممنوع فإن القبح و الاستحالة إنما هي في خصائص تعلق الطلب بالضدين فلا بل بطلب أحدهما و انطباق الآخر على المطلوب ثم لا يخفى أن ما ذكرنا ليس مبنيا على القول بكون متعلق الأمر هي الطبيعة دون الفرد كما يتوهم من ظاهر كلماتنا بل لو قيل بتعلق الأوامر بالأفراد لتم ما ذكرنا أيضا لأن معنى تعلق الأمر بالفرد أن المطلوب أنما هو الحصة من الطبيعة في الخارج في ضمن فرد ما و لا ريب أن نسبة فرد مّا إلى خصوص الأفراد مثل نسبة الكلي إلى الأفراد و حينئذ نقول إن المطلوب إنما هو أحد الأفراد على سبيل التبدلية و معنى البدلية حصول الامتثال بكل فرد لانطباقه على فرد مّا فتدبر جيّدا نعم يمكن أن يستدل على هذا القول بنحو ما اخترنا في هذه المسألة و مسألة مقدمة الواجب من أن الأمر التخييري الشرعي الثاني ثابت لجميع الأفراد و لو كان الأمر الفعلي منتفيا لأن الأمر إذا التفت إلى الأفراد أراد أن يثبت لها حكما من الأحكام امتنع أن يثبت شيئا إلا الوجوب التخييري و حينئذ أمكن دعوى اقتضاء الأمر بالشي‌ء عدم هذا الأمر الشأني للضد و لكن الإنصاف أن من يقول بهذا فلا ينبغي له إنكار اقتضاء الأمر النهي الشأني عن الضد كما أثبتنا ذلك و اخترناه في المسألة و قلنا بأن هذا النهي الشأني قائم مقام النهي الفعلي في الآثار و اللَّه العالم تذنيب هل النهي عن الشي‌ء يقتضي الأمر بضده العام أو الخاص على القول باقتضاء الأمر به النهي عنهما أو عن أحدهما أم لا ذهب الكعبي إلى أن النهي عن الشي‌ء أمر بضده الخاص لوجوه قد عرفت جوابها بما لا مزيد عليها و خالفه

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست