responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 124
بغيره من الأمور المقررة و هذا المثال منقول عن صاحب هذا التفصيل و لعل مثالنا أحسن لما فيه من المناقشة و التأمل و استدل على هذا التفصيل على ما حكي عنه بأن إيجاب الشي‌ء أنما يقتضي بحكم العقل و الشرع و العرف إيجاب التهيؤ و له التوصل إليه فيجب فعل ما يقتضي تركه فعله كترك الحركة المقتضي لتحقق السكون الواجب و ترك ما يقتضي فعله عدم التمكن منه كالمنافيات فالضد إن كان مما يوجب فعله عدم التمكن من الواجب كالسفر المانع من إيصال الحق المضيق إلى صاحبه فهو محرم سواء قصد به الغاية المحرمة أم لا لأن إباحته يقتضي عدم الإثم فيما يترتب عليه فلو لم يكن الضد لعدم التمكن منه محرما لزم خروج الواجب عن كونه واجبا و لأن قضية إناطة الأحكام بالحكم و المصالح هو تحريم ما يقتضي رفع التمكن من فعل الواجب و لما ورد من النهي عن دخول البحر قبل الصلاة لمن لا يتمكن من الخروج عنه لأدائها و غير ذلك و إن لم يرفع تمكنه بل كان في جميع أفعال الضد متمكنا من تركه و أداء الواجب فلا يلزم من إيجاب الواجب تحريم مثل هذا هذه خلاصة ما حكي عنه من الاستدلال على الفرق و نحن نزيد عليها بأن فعل الضد في الأول و هو الرافع للتمكن عن الامتثال بالواجب سبب لتركه إذ لا معنى للترك إلا صيرورة الواجب بحيث يتعذر المكلف عن الامتثال تعذرا اختياريا بخلافه في الثاني فإن الاشتغال بالضد غير رافع للتمكن كما هو المفروض و من المعلوم أن ترك الواجب حرام و يحرم لذاك فعل الضد الرافع كما تقدم من أن علة الحرام حرام و قد أجاب صاحب ا لفصول عن هذه الأدلة في كلمات طويلة كلها أو جلها مبنية على المقدمة الموصلة التي عرفت فسادها و نحن نقتصر في المقال و نجيب عنها أولا بالنقض و تقريره أن ما ذكر من الأدلة إن نهض في إثبات وجوب ترك الرافع للتمكن فمقتضاه وجوب الغير الرافع أيضا لأن الكلام في ضد الواجب المضيق الذي وجوبه فوري ثابت في جميع آنات القدرة و لا ريب أن الاشتغال بضد مثل هذا الواجب الفوري يرفع التمكن عن الامتثال به زمن الاشتغال مطلقا من غير فرق بين شي‌ء من الأضداد فإن الاشتغال بالصلاة مثلا أو بغيرها من الأضداد المنافية للإزالة يوجب امتناع فعل الإزالة في أن وقوع الصلاة و قضية ما ذكر من الأدلة الحكم بحرمة الصلاة لكونها رافعة للتمكن من فعل الواجب الذي هو الإزالة و هكذا الكلام فيما فرضنا من المثال إذ الاشتغال بقراءة القرآن يرفع التمكن عن أداء الشهادة في آن القراءة نحو رافعية السفر للتمكن عن إيصال الحق الواجب نعم أنما يكون فعل الضد مستوعبا لتمام وقت الواجب بحيث لا يتمكن المكلف من تركه و قد لا يكون كذلك بل يكون من الأفعال التي يقتدر المكلف على تركها و كلاهما مشتركان في كونهما رافعين للتمكن عن الإتيان بالواجب و إنما الفرق بينهما هو أن رفع الأول مستمر إلى انقضاء وقت الواجب و رفع الثاني دائر مدار وجوده و لا يلزم في اتصاف الشي‌ء بالحرمة كونه رافعا للتمكن عن الامتثال بالأمر الفوري مطلقا بل يكفي في ذلك كونه رافعا للتمكن في آن ما ضرورة وجوب المسارعة إلى الامتثال في الأوامر الفورية في كل آن و حرمة التأخير بحيث إذا أخّر كان عاصيا تاركا للعمل بالقضية الفورية و ثانيا بالحل و هو أن ما ذكره من تطابق العقل و الشرع و العرف في إيجاب التهيؤ للواجب و التوصّل بترك فعل الضد و لو رفع التمكن لفعله دليل القول باقتضاء الأمر بالشي‌ء النهي عن الضد مطلقا لأن ترك الأضداد تهيّؤ لفعل الواجب و من يقول بوجوب المقدمة فهو قائل بوجوب ترك الضد من باب المقدمة بعد تسليم كون الترك من مقدمات الفعل لا من المقارنات فيكون الأمر بالشي‌ء مقتضيا للنهي عن الضد إذ لا نعني بالنهي إلا ما كان تركه واجبا مطلقا من غير فرق بين الرافع للتمكن و غيره لأن نظر الدقيق يرى جميع الأضداد رافعة للتمكن كيف لا و من الواضحات استحالة اجتماع الضدين و عدم تمكن وجود أحدهما في آن وجود الآخر و أما صيرورة بعض الأضداد رافعا للتمكن إلى انقضاء وقت الواجب دون بعض فلا ربط له بأطراف مسألتنا هذه و من لا يقول بوجوبها أو يقول به و لكن يمنع عن كون الترك مقدمة للفعل كالسلطان فهو إما يمنع عن حكم العقل و الشرع و العرف بوجوب التهيؤ إن كان من منكري وجوب المقدمة أو يمنع عن كون ترك الضد رافعا كان أو غير رافع من التهيؤ و التوصل بدعوى كون التهيؤ إنما هو انتفاء الصارف الذي يحرك إلى فعل الواجب و ترك أضداده و أما ما ذكره من اقتضاء إناطة الحكم بالمصالح تحريم ما يقتضي رفع التمكن من فعل الواجب فمع كونه عبارة أخرى عن القول بحرمة سبب الحرام و حرمته بسبب فوات المصلحة مشترك الورود بين الضد الرافع و الغير الرافع لما عرفت من كونهما رافعين معا و كذا ما ورد من النهي عن دخول البحر قبل الصلاة فإنه لو دل على المدعى نسبته إلى المقامين متساوية مضافا إلى ما فيه أولا من خروجه عن محل الكلام لأن الصلاة ليست من الواجبات الفورية المضيقة التي كلامنا فيها فلا ضير في كون الضد رافعا عن التمكن بها ما لم يرفع التمكن إلى انقضاء الوقت أو ليست المسارعة إليها واجبة حتى يكون ضده مطلقا و لو كان رافعا في مقدار زمانه حراما و الحاصل أنه لا مضايقة في نحو الصلاة من الواجبات الموسعة الالتزام بحرمة ضدها الذي يرفع التمكن منها رأسا دون غيره مما لا يرفع التمكن بل لعل الحق هو هذا بناء على اقتضاء الأمر بالشي‌ء للنهي عن الضد لأن الواجب الموسع إذا لاحظته و قايسته مع الضد الذي يصير سبب امتناعها في حق المكلف يكون في حكم الواجب المضيق في اقتضائه النهي عنه لكون تركه مقدمة لأداء الواجب بخلاف ما إذا قايسته بالضدّ الذي لا يرفع التمكن من الواجب إلى آخر الوقت فإن تركه حينئذ ليس مقدمة لفعل الواجب على وجه الانحصار لإمكان الواجب في زمان آخر غير زمان ذلك الضد و بما ذكرنا ظهر الجواب عن الوجه الذي ذكرناه دليلا على هذا التفصيل من كون الرافع للتمكن سببا لترك دون

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست