المكلف عن كلا الأمرين في عرض واحد و ان كان لا يمكن، إلا ان انبعاثه عنهما على نحو الترتب لا مانع منه أصلا، فانه عند انبعاثه عن الأمر بالأهم لا بعث بالإضافة إلى المهم ليزاحمه في ذلك و يقتضى انبعاث المكلف نحوه، و على تقدير عدم انبعاثه عنه باختياره و إرادته لا مانع من انبعاثه عن الأمر بالمهم، بداهة ان المهم مقدور للمكلف في هذا الحال عقلا و شرعاً، فإذا كان مقدوراً فلا مانع من تعلق الأمر به الموجب لانبعاث المكلف عنه نحو إيجاده. فهذا الوجه أيضاً لا يرجع إلى معنى محصل. و قد أجاب عنه شيخنا الأستاذ (قده) بما ملخصه: ان الأمر بالأهم و الأمر بالمهم و ان كانا فعليين حال العصيان معاً إلا أن اختلافهما في الرتبة أوجب عدم لزوم طلب الجمع من فعليتهما، لما عرفت من ان الأمر بالأهم في رتبة يقتضى هدم موضوع الأمر بالمهم و عدمه، و اما هو فلا يقتضى وضع موضوعه، و انما يقتضى إيجاد متعلقه في الخارج على تقدير وجود موضوعه، و حيث انه لم يكن بين الأمرين اتحاد في الرتبة يستحيل ان تقتضي فعليتهما طلب الجمع بين متعلقيهما. و من هنا قال: ان ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء (قده) من ان الأمر بالمهم مشروط بالعزم على عصيان الأمر بالأهم غير صحيح، فانه على هذا لا يكون الأمر بالأهم رافعاً لموضوع الأمر بالمهم و هادماً له تشريعاً، فان الأمر بالأهم إنما يقتضى عدم عصيانه، لا عدم العزم على عصيانه. فالنتيجة ان ما أفاده (قده) - هنا - امران: الأول - ان ملاك عدم لزوم طلب الجمع بين الضدين من اجتماع الأمرين في زمان واحد إنما هو اختلافهما في الرتبة. الثاني - ان ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء (قده) غير صحيح. و لنأخذ بالمناقشة في كلا الأمرين: اما الأمر الأول فيرده: أولا - ما ذكرناه مراراً من ان الأحكام الشرعية