بمنزلته [١] بناء على ما هو الحق عندنا : من قيام
الطرق والأصول المحرزة مقام القطع الطريقي.
ولا ينبغي أن يتوهم أن اليقين في قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك » لوحظ من حيث
كونه صفة قائمة في النفس ، بل إما أن يكون ملحوظا من حيث كونه طريقا وكاشفا عن
المتيقن ، وإما من حيث كونه موجبا لتنجيز الاحكام عند المصادفة والمعذورية عند
المخالفة ـ على ما تقدم سابقا من أنه يمكن أخذ العلم موضوعا من حيث اقتضائه
التنجيز والمعذورية ـ فعلى الأول : تقوم الطرق والأصول المحرزة مقامه ، وعلى
الثاني : تقوم مطلق الأصول ولو كانت غير محرزة مقامه [٢] بالبيان المتقدم في بعض الأمور
السابقة.
فلو قام طريق أو أمارة على ثبوت حكم أو
موضوع ذي حكم ثم شك في بقاء الحكم أو الموضوع الذي أدت إليه الامارة والطريق ، فلا
مانع من استصحاب بقاء مؤدى الامارة والطريق ، لان المستصحب قد أحرز بقيام الامارة
عليه ، خصوصا بناء على ما هو الحق عندنا : من أن المجعول في باب الطرق والامارات
هو نفس الطريقية والاحراز والوسطية في الاثبات ـ على ما تقدم بيانه في مبحث الظن ـ
فيكون المستصحب محرزا بأدلة حجية الامارات ، وهذا مما لا ينبغي الاشكال فيه.
نعم : ربما يستشكل في استصحاب مؤدى
الاستصحاب ( أي استصحاب
[١] أقول : الأولى
أن يقال : إن المراد من اليقين المنقوض والناقض في باب الاستصحاب هو اليقين
الوجداني ، كحيوة زيد في كبرى دخلها في حرمة زوجته وتقسيم أمواله ، وإنما يوسع هذا
اليقين بعناية التنزيل وتتميم الكشف في باب الامارات بلسان الحكومة ، كما يوسع
دائرة الحياة بالامارة أو الأصل المحرز لها ، وإلا فلو كان المراد من اليقين في المقام
مطلق الاحراز يلزم ورود الامارة عليه لا حكومته ، ولا أظن التزامه به ، فتدبر.
[٢] أقول : قد تقدم
منا الاشكال في هذه الصورة سابقا ، فراجع.