وإن أريد من العدم العدم المحمولي بمفاد
ليس التامة ، وهو العدم السابق على لحاظ أجزاء المركب وتعلق الجعل به ، فهو وإن
كان متيقنا قبل ذلك ـ لان أصل الجعل واللحاظ أمر حادث مسبوق بالعدم ـ إلا أن بقاء
ذلك العدم إلى ظرف تعلق الجعل بالمركب غير مفيد [١] إلا إذا أريد إثبات تعلق الجعل واللحاظ
بخصوص أجزاء الأقل ، ولا يمكن إثبات ذلك إلا على القول بالأصل المثبت.
هذا كله ، مضافا إلى أن مجرد عدم تعلق
اللحاظ والجعل بالجزء أو الشرط المشكوك فيه لا أثر له ، لان الآثار الشرعية بل
العقلية ـ من الإطاعة والعصيان واستحقاق الثواب والعقاب وغير ذلك من الآثار
المترتبة على الأحكام الشرعية ـ إنما تترتب وجودا وعدما على المجعول ، لا على نفس
الجعل ، فان الحكم الشرعي المتعلق بفعل المكلف إنما هو المجعول ، ولا أثر لنفس
الجعل بما هو قول إلا باعتبار أنه يستتبع المجعول ، بحيث لو فرض محالا انفكاك
الجعل عن المجعول وكان هناك جعل بلا أن يستتبع وجود المجعول لم يترتب على ذلك
الجعل أثر عقلي أو شرعي ، وبالعكس لو فرض محالا وجود المجعول بلا أن يسبقه
[١] أقول : مرجع
الجعل بعدما كان إلى تعلق لحاظه بشيء وجعله واجبا أم جزءا ، فلا شبهة في أن تعدد
المجعول ووحدته تختلف مراتب الجعل ، وحينئذ فإذا علم بمرتبة منه وشك في تحقق مرتبة
أخرى ، فالأصل إذا نفي هذه المرتبة ، فهو وإن لم يثبت مرتبة الجعل بخصوص الأقل ،
إلا أنه يكفي في عدم الالتزام به مجرد عدم وجوبه الباقي من الأزل بضميمة اكتفاء
العقل أيضا بوجوب تحصيل ما علم وجوبه وإن لم يعلم بأنه تمام الواجب ، وحينئذ فلا
قصور في استصحاب عدم الوجوب الذي هو محط كلامه أو عدم جعله ، إذ عدم جعل الوجوب
مستتبع لعدم الوجوب واقعيا كان أو ظاهريا. فلا ربط للمقام بالأصول المثبتة ، لان
عدم الوجوب الظاهري من لوازم عدم الجعل الظاهري الذي هو الاستصحاب ، لا نفس
المستصحب ، والمفروض أيضا أن نفس الجعل أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ، ولا نعني من
الأثر الشرعي في باب الاستصحاب إلا هذا.