ضمن جميع الأطراف
وقضيتين مشكوكتين في كل طرف بالخصوص [١]
فلو
[١] أقول : مقتضى
التحقيق أن يقال : إن العلم تارة يتعلق بعنوان إجمالي بشيء ، وأخرى يتعلق بعنوان
تفصيلي له ، والأول هو المسمى بالعلم الاجمالي ، والثاني بالعلم التفصيلي ، ومرجع الفرق
بينهما إلى التفصيل والاجمال في معروض العلم ومتعلقه ، وإلا ففي نفس العلم لا فرق
بينهما ، وحينئذ لا مجال لاتصاف العلم بالتفصيلي إلا مع كون متعلقه عنوانا تفصيليا
لشيء ، وإلا فمع إجمال متعلقه لا محيص إلا من كونه إجماليا ، والتعبير عنه حينئذ بالعلم
التفصيلي في غير محله.
ثم إن من لوازم العلم
بالعنوان الاجمالي محضا الشك بعنوان كل واحد من طرفيه تفصيلا ، ولذلك يكون العلم
الاجمالي توأما مع الشكين تفصيليين أو أزيد ، حسب ازدياد طرف العلم عن الاثنين ،
وحيث إن قوام العلم والشك في عالم العروض بنفس العنوان من دون سرايته منه إلى
المعنون ـ ولذا يكون الخارج ظرف اتصافه بالمعلومية أو المشكوكية ، وإلا فظرف عروضه
ليس إلا الذهن ، بشهادة أنه ربما لا يكون موجودا في الخارج ، مع أن العلم والشك
وأمثالهما من الصفات المتقومة بوجود المعروض موجود فلا محيص من أن يكون معروضها
المقوم بوجودها ما هو المخزون في الذهن ، غاية الامر في عالم عروضها عليه لابد وأن
يلحظ الموجود الذهني بنحو الفناء في الخارجيات ، بمعنى كونه ملحوظا خارجيا بلا نظر
إلى حيث ذهنيته. وبعدما كان كذلك ، فنقول : من البديهي أن العنوان الاجمالي في
عالم العنوانية مبائن مع العنوان التفصيلي وإن اتحدا وجودا ولازمه عدم سراية العلم
الاجمالي القائم بعنوانه إلى المعنون التفصيلي ، إذ في عالم العروض كل واحد من
العناوين الاجمالية والتفصيلية غير الآخر ، فالعارض لاحد العنوانين غير عارض للآخر
، ومن ذلك يجتمع الشك بالعنوان التفصيلي مع العلم بالعنوان الاجمالي مع اتحادهما
وجودا وخارجا ، ولولا تباين المعروضين للزم اجتماع اليقين والشك في شيء واحد ، مع
أن التضاد بين اليقين والشك كالنار على المنار ، وذلك أيضا شاهد صدق على عدم سراية
هذه الصفات إلى الوجود الخارجي ، بل وقوفها بنفس العنوان ، فان العنوانين حينئذ
لما كانا متباينان لا يبقى جهة تضاد بينهما ، لعروض كل منهما بعنوان غير معروض
الآخر. وحيث عرفت ذلك نقول : في فرض دوران الامر بين المعروضين ما هو معروض العلم
هو عنوان « أحد الامرين » لا خصوص الفعل ولا خصوص الترك ، فكل واحد من الفعل والترك
بهذا العنوان التفصيلي لهما تحت الشك ، وحينئذ فلو كان موضوع الإباحة التعبدية
الشك في لزوم الفعل أو الترك ، فكل واحد بعنوان الفعل أو الترك مشكوك ، وإن كان
بعنوان أحدهما معلوم الالزام ، وعليه فلو ورد في البين ترخيص في فعله وتركه ، لا
يكاد يشمل هذا الترخيص التعبدي أزيد من الفعل المشكوك والترك المشكوك ، ولا يكاد
يشمل العنوان الاجمالي المعلوم ، كي لا يصح التعبد بالنسبة إليه ، ولكن ذلك
المقدار لا يفيد ولا يقتضي