الفضيلة فبمقدار ما
فات من المكلف من فضل أول الوقت يجب أن يتدارك ، وإن كان انكشاف الخلاف بعد انقضاء
تمام الوقت فاللازم هو تدارك ما فات منه من المصلحة الوقتية ، وإن لم ينكشف الخلاف
إلى الأبد ، فالواجب هو تدارك ما فات منه من مصلحة أصل الصلاة. والسر في ذلك : هو
أن التدارك إنما يكون بمقدار ما اقتضته الأمارة من ايقاع المكلف على خلاف الواقع
وبالقدر الذي سلكه ، ولا موجب لأن يستحق المكلف زائدا عما سلكه.
فما أفاده الشيخ قدسسره من التبعيض في الإجزاء قدر ما فات من
المكلف من المصلحة الواقعية بسبب سلوك الأمارة ، هو الحق الذي يقتضيه أصول
المخطئة.
وما قيل : من أن الحكم الظاهري إن كان
يقتضي الإجزاء فينبغي أن يقتضيه مطلقا وإن انكشف الخلاف في الوقت فضلا عن خارجه
ولابد أن تتدارك المصلحة الواقعية بتمامها وكمالها ، وإن لم يقتض الإجزاء فينبغي
أن لا يتدارك شيء من المصلحة الواقعية من غير فرق بين فضيلة الوقت وغيرها.
فضعفه ظاهر مما قدمناه ، لأن المفروض أن
الأمارة لم تحدث في المؤدى شيئا من المصلحة ، والمصلحة إنما كانت في السلوك ، وإلا
فهي متمحضة في الطريقية ، فالتدارك لابد وأن يكون بمقدار ما تقتضيه من السلوك ،
وذلك إنما يكون قبل انكشاف الخلاف.
نعم : لو قلنا بالوجه الثاني من أن
الأمارة تحدث مصلحة في المؤدى أقوى من مصلحة الواقع ، كان اللازم هو الإجزاء مطلقا
[١] فيكون
انكشاف الخلاف من قبيل تبدل الموضوع كالمسافر والحاضر ، وظني أن ذلك بمكان من
[١] أقول : لو فرض
مصلحة المؤدى أيضا بنحو لا يكون إلا جابرة لما فات من الواقع لا مانعا من تأثير
مصلحة الواقع بقول مطلق يجرى في مثله لوازم مصلحة السلوكية ، وان كان بينهما فرق
بأن شرط مصلحة السلوكية العمل على طبق الأمارة ، بخلاف مصلحة المؤدى حيث لا يعتبر
فيه السلوك والعمل ولكن لا تكون إلا جابرة لما فات لا مطلقا ، ولازمه أيضا التفصيل
في الإجزاء به عن الواقع بمقدار فوته ليس إلا ، فتدبر.