قلت
: تقييد العمل بالالتماس ليس لبيان وجه
العمل وأنه يعتبر في إعطاء الثواب أن يكون العمل بداعي الاحتمال والتماس الثواب [١] بل التقييد بذلك إنما هو لأجل أن عبادة
أغلب الناس إنما تكون لرجاء الثواب والأمن من العقوبة ، فقوله عليهالسلام « ففعله التماس ذلك الثواب » إنما ورد
مورد الغالب ولا عبرة بالقيد الوارد مورد الغالب.
نعم : ربما يستظهر من قوله عليهالسلام في بعض الأخبار « فعمل ذلك طلب قول
النبي صلىاللهعليهوآله » كون العمل
برجاء قول النبي صلىاللهعليهوآله
فتأمل.
وعلى كل حال : فهذا أحد الاحتمالات التي
تتحملها روايات الباب.
ثانيها
: أن تكون الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء
ويكون مفاد قوله عليهالسلام
« فعمله » أو « ففعله » الأمر بالفعل والعمل [٢]
كما هو الشأن في غالب الجمل الخبرية الواردة في بيان الأحكام ، سواء كانت بصيغة
الماضي كقوله عليهالسلام
« من سرح لحيته فله كذا » أو بصيغة المضارع كقوله : « تسجد سجدتي السهو » وغير ذلك
من الجمل الخبرية التي وردت في مقام الحث والبعث نحو الفعل ، فيكون المعنى : إذا
بلغ الشخص شيء من الثواب على عمل فليعمله ، وعلى هذا يصح التمسك باطلاق البلوغ
والقول باستحباب
[١] أقول : ذلك كذلك
لو لم نقل بأن البلوغ كناية عن احتمال الثواب أو احتمال مقتضيه ، كما هو ظاهر قوله
: « طلب قول النبي » وحينئذ يكون قوله : « التماس ذلك الثواب » أو « طلب قوله »
مؤكدا لاحتمال المزبور الذي هو لازم البلوغ جزما ، لا أنه بيان للازم خارجي عن
البلوغ ، كما لا يخفى.
[٢] أقول : حمل
الجملة الخبرية على الإنشاء في كلية الموارد في غاية البعد ، بل عمدة وجه استفادة
الطلب من أمثال هذه الجمل جعلها من باب الإخبار بوجود شيء بملاحظة وجود مقتضيه في
عالم التشريع ، فيصير الإخبار المزبور كناية عن الطلب الذي هو ملزومه ، لا إنه
بنفسه عبارة عن إنشائه ، كما لا يخفى.