بالموضوعات الخارجية
؛ وذلك وإن كان بمثابة من الوضوح ، إلا أنه لا بأس بزيادة بيان في المقام حسما
لمادة الشبهة.
فنقول : إن الأحكام الشرعية الوجوبية
والتحريمية بعد ما كان لا محيص عن تعلقها بفعل المكلف الصادر عنه بتحريم عضلاته عن
إرادته واختياره ، إما لا يكون لها تعلق بموضوع خارجي ـ كالصلاة حيث إن أجزائها
ليست إلا الأفعال والأقوال الصادرة عن جوارح المكلف من دون أن يكون لها تعلق
بموضوع خارجي ، وكذا الغناء والكذب ونحو ذلك ، وإما أن يكون لها تعلق بموضوع خارجي
، كوجوب إكرام العالم وحرمة شرب الخمر ، وأمثال ذلك من التكاليف الوجوبية
والتحريمية التي لها ربط وتعلق بموضوع خارجي ، سواء كان الموضوع من الموضوعات التي
يمكن للمكلف ايجادها في الخارج ويجعلها ثابتة في عالم الأعيان ـ كالخمر الذي يكون
صنعه وايجاده من التمر والزبيب بيد المكلف ـ أو كان من الموضوعات التي ليست من صنع
المكلف ولا يتمكن من ايجادها في الخارج ـ كحرمة وطي الام ووجوب استقبال القبلة ـ
وأمثال ذلك من التكاليف التي لها تعلق بموضوع خارجي لا يتمكن المكلف من ايجاده في
الخارج.
فان لم يكن للتكليف تعلق بموضوع خارجي ،
فلا يعتبر في فعليته سوى وجود شخص المكلف واجدا للشرائط العامة والخاصة المعتبرة
فيه ، فعند وجود المكلف يكون التكليف فعليا علم به المكلف أو لم يعلم ، إذ ليس
للعلم دخل في فعلية التكاليف ـ كما أوضحناه في محله ـ وبعد العلم به يتنجز وتصح
العقوبة على مخالفته [١]
وفي هذا القسم من التكاليف لا يتصور تحقق الشبهة الموضوعية.
[١] أقول : ذلك كله
في التكاليف الوجوبية المطلوب فيها صرف وجوده ، فإنه بمجرد العلم به لا يقنع العقل
بالاكتفاء بما هو محتمل المصداقية ، بل يلزم تحصيل الجزم بالفراغ الوجداني أو
الجعلي. وأما في التكاليف التحريمية المطلوب فيها ترك الطبيعة السارية ـ بشهادة
عدم سقوط النهى عنه بعصيانه مرة مثلا ـ فلا شبهة في أن التكليف فيها انحلالي حسب
تعدد مصاديقه ، وبعد ذلك إذا فرض في البين ما شك في كونه صوتا مع الترجيع.