تعلق بموضوع خارجي
كقوله « لا تشرب الخمر ، وصل في الوقت » وإن كان وجوده الواقعي مشروطا بوجود ذلك
الموضوع [١]
من غير دخل للعلم والجهل في ذلك ، إلا أن مجرد الوجود الواقعي لا يكفي في انبعاث
المكلف وحركة إرادته نحوه ، فإن الحركة والانبعاث إنما يكون بالوجود العلمي ، ولا
أثر للوجود الواقعي في ذلك ، فالعلم وإن كان بالنسبة إلى الموضوع طريقا ، إلا أنه
بالنسبة إلى الاختيار والإرادة والانبعاث يكون موضوعا ، ومتعلق التكليف إنما يكون
هو الاختيار والانبعاث الناشئ عن العلم بالموضوع والتكليف ، وهذا المعنى موجود في
كلتي صورتي مصادفة العلم للواقع ومخالفته ، فإنه في صورة المخالفة قد تحقق اختيار
شرب ما أحرز أنه خمر ، والفرق بين الصورتين ليس إلا مصادفة العلم للواقع في
إحديهما ومخالفته له في الأخرى ، والمصادفة والمخالفة ليست اختيارية ، فلا تصلح
لأن يتعلق بها التكليف ، فالذي يصلح لأن يتعلق به التكليف ليس إلا اختيار شر ما
أحرز أنه خمر ، فيكون مفاد قوله : لا تشرب الخمر مثلا ـ بعد ضم المقدمة العقلية
إليه : من أن متعلق التكليف لابد وأن يكون أمرا مقدورا وليس هو إلا الاختيار
والانبعاث نحو ما علم أنه موضوع
[١] أقول : بعد
الاعتراف بأن الخمر بوجوده الواقعي كان شرطا للتكليف ، فضم المقدمة الأخرى لا ينتج
إلا فعلية التكليف في ظرف العلم المصادف لا المطلق ، فاستنتاج هذه النتيجة ينافي
دخل الخمرية الواقعية في شرط التكليف ، فهذه الكلمات مختلة النظام في أصل التقريب
، كما أن في جعل الاختيار والانبعاث تحت التكليف مسامحة أخرى ، إذ هذه باصطلاحه من
الطوارئ اللاحقة للتكليف فيلحق بالانقسامات اللاحقة ، مضافا إلى أن التكليف بشيء
إذا كان من شأنه الدعوة فلا جرم يكون المدعو إليه عنوانا في طول عنوان المعروض وإن
كان العنوانين متحدين ذاتا ومنشأ ، فما هو المعروض لا يعقل أخذ الإرادة فيه ولو
قيدا ، لأن الإرادة الناشئة عن غير دعوة التكليف أجنبية عن التكليف والإرادة
الناشئة عن التكليف معلول التكليف ، فكيف يكون قيد موضوعه؟ فما توهم في دفع
المقدمة الأولى مندفع بهذا الكلام ، إذ الفعل الصادر عن الإرادة الناشئة عن دعوة
التكليف معلول التكليف لا معروضه ، فلا محيص من تجريد المعروض عن الإرادة رأسا ،
كما لا يخفى على الناظر الدقيق ، وحينئذ هذا البرهان شاهد خروج الإرادة عن حيز
التكليف لا جهة الغفلة ، كيف وكثيرا ما نلتفت إلى إرادتنا حين الامتثال ، كما في
العبادات خصوصا عند الإخطاري في النية.