عن الأوضاع اللغوية
، والقرائن العامة ، من وقوع الأمر عقيب الحظر ، والاستثناء عقيب الجمل المتعددة ،
ونحو ذلك مما يوجب انعقاد الظهور لمفردات الكلام أو للجملة التركيبية ـ أي ما يوجب
تعيين الظهور وتشخيصه ـ فالبحث عن جميع ذلك يكون بحثا عن المبادئ ، كالبحث عن
الرواة وسلسلة السند.
وأخرى : يكون كبرويا كالبحث عن حجية
الظهور بعد فرض انعقاده للكلام ، فان البحث عن حجية الظهور يكون من المباحث
الأصولية ، لا من المبادئ ـ كما توهم ـ بتخيل أن البحث عن دليلية الدليل لا يرجع
إلى البحث عن العوارض ، بل من المباحث الراجعة إلى أصل تحقق الموضوع.
ولا يخفى ما فيه ، لما تقدم ( في صدر
الجزء الأول من الكتاب ) من أن الموضوع في علم الأصول ليس هو خصوص الأدلة الأربعة
بذواتها أو بوصف دليليتها لتختص مسائل علم الأصول بما يكون البحث فيه عن عوارض
الأدلة الأربعة ، بل البحث عن كل ما يقع في طريق الاستنباط يكون بحثا أصوليا ، لأن
مسائل علم الأصول هي الكبريات التي تقع في طريق الاستنباط ، ومن أوضحها مسألة حجية
الظواهر وحجية الخبر الواحد.
ثم إن المباحث التي ترجع إلى الصغرى ـ
منها : ما تقدم البحث عنه في باب الأوامر والنواهي والعام والخاص ، كالبحث عن وقوع
الأمر عقيب الحظر والاستثناء عقيب الجمل المتعددة ، ونحو ذلك من القرائن العامة
التي تقتضي
الخاصة ـ كالوقوع
عقيب الحظر مثلا ـ لا يبقى مجال لأصالة الحقيقة وكان لأصالة الظهور مجال. نعم :
الذي يسهل الخطب إمكان دعوى اليقين بأن بنائهم في باب الألفاظ على الأخذ بما عليه
وجهة الكلام من الظهور ، لا بصرف احتمال الحقيقة بلا ظهور.
ومن هذه الجهة أوردنا على
القوم بأن البحث في أن التبادر لابد وأن يكون مستندا إلى حاق اللفظ ، مستدرك. نعم
: بناء على كون مدار العقلاء على أصالة الحقيقة ، كان له مجال. ولكن أنى لهم
باثباته ، فتدبر جيداً.