يترتب بمجرد الشك ،
لتحقق موضوعه ، فلا يبقى مجال لجريان الاستصحاب ، لانه لا تصل النوبة إلى إثبات
بقاء الواقع ليجري فيه الاستصحاب ، فإنه في المرتبة السابقة على هذا الإثبات تحقق
موضوع الأثر وترتب عليه الأثر ، فأي فائدة في جريان الاستصحاب؟.
وما قرع سمعك ، من أن الاستصحاب يكون
حاكما على القاعدة المضروبة لحال الشك ، فإنما هو فيما إذا كان ما يثبته الاستصحاب
غير ما تثبته القاعدة ـ كقاعدة الطهارة والحل واستصحابهما ـ فان القاعدة لا تثبت
الطهارة والحلية الواقعية [١]
بل مفادها ليس إلا ترتيب آثار الطهارة والحلية : من جواز الاستعمال وحلية الأكل
ونحو ذلك ، بخلاف الاستصحاب ، فان مفاده بقاء الطهارة والحلية الواقعية ، وقد
يترتب على بقاء الطهارة والحلية الواقعية غير جواز الاستعمال وحلية الأكل من آثار
اخر ، وعلى ذلك يبتني جواز الصلاة في أجزاء الحيوان الذي شك في حليته إذا كان يجرى
في الحيوان استصحاب الحلية ـ كما إذا كان غنما فشك في مسخه إلى الأرنب ـ وعدم جواز
الصلاة في
التخصيص والتخصص ،
لأن بجريان الاستصحاب يرتفع موضوع هذه الكبرى ، فإنه مبنى على عدم جريان الاستصحاب
بمخصص خارجي ، وإلا لا يصلح هذه الكبرى لتخصيصه ، لأنه معلق على عدم جريانه.
ولئن شئت قلت : إن لسان
الاستصحاب ينفى موضوع هذه الكبرى فكان ناظرا إليه ، بخلاف لسان الكبرى ، فإنه ليس
لسانه نفي موضوع الاستصحاب ، بل جريانه موجب للغوية الاستصحاب ، فالاستصحاب من
الأول مانع عن جريانها ، فتدبر.
ولئن شئت قلت : إن نتيجة
الاستصحاب ترتب الأثر على عدم المقتضى ونتيجة القاعدة ترتب العدم على المانع ،
وباعترافه ترتب العدم على عدم المقتضى مقدم على الترتب على المانع.
[١] أقول : بالله!
لو لم تثبت قاعدة الطهارة الطهارة الواقعية التعبدية يلزم عند العلم بنجاسة الماء
المتوضى منه ، إما الحكم بصحة الوضوء واقعا أو عدم صحة الوضوء بمثل هذا الماء ،
وهو كما ترى!.
وجه الملازمة : أن موضوع صحة
الوضوء واقعا ، إما الطهارة الواقعية أو الأعم منها ومن الطهارة الظاهرية ، فعلى
الأول : فلا يجوز الوضوء به ، لعدم إحراز الطهارة الواقعية. وعلى الثاني : يلزم
عدم اقتضاء كشف نجاسته لبطلان وضوئه حين جريان القاعدة فيها ، وحينئذ لا محيص إلا
أن تلتزم بأن مفاد قاعدة الطهارة أيضا إثبات الطهارة الواقعية ، وحينئذ من أين وجه
تقدم الاستصحاب على القاعدة؟ فتدبر.