أولا
: ان الخروج غير ممتنع للتمكن من تركه ، والذي
امتنع عليه هو مقدار من الكون في المغصوب ، الذي يحصل بالخروج تارة وبتركه أخرى ، ولكن
ذلك لا يوجب امتناع الخروج ، لان الاضطرار إلى الجامع لا يلازم الاضطرار إلى ما
يحصل به.
والحاصل
: ان الاضطرار إلى مقدار من الغصب غير الاضطرار إلى الخروج ، ومحل الكلام هو
امتناع الخروج. واما الاضطرار إلى الكون الغصبي في الجملة فسيأتي الكلام فيه ، فدعوى
: ان الخروج مما يكون من الامتناع بالاختيار ، واضحة الفساد.
وثانيا
: ان مورد قاعدة الامتناع بالاختيار ، هو
ان يكون التكليف بالممتنع بالنسبة إلى المقدمة الاعدادية ، التي بتركها حصل
الامتناع مطلقا ، بحيث تكون تلك المقدمة من المقدمات الوجودية ، على وجه لايكون
الخطاب مشروطا بها ولا الملاك ، كالسير بالنسبة إلى الحج ، فان الحج وان كان
مشروطا بالزمان من يوم عرفة امتثالا وخطابا ـ على ما هو الحق عندنا من امتناع
الواجب المعلق ـ الا انه غير مشروط بالنسبة إلى السير. ومن هنا قلنا : ان السير
واجب لا بالوجوب المقدمي الآتي من قبل وجوب الحج ، بل بالوجوب الطريقي الناشئ عن
ملاك وجوب الحج ، على وجه يكون من قبيل متمم الجعل ، حيث إنه لا يمكن للآمر
استيفاء ملاك الحج الا بأمرين : امر بالحج ، وامر بالسير إليه. وعلى كل حال ، ليس
السير مقدمة وجوبية للحج ، بحيث يكون الملاك والخطاب مشروطا به ، فتركه حينئذ يوجب
امتناع الحج عليه في يوم عرفة ، ويكون من الامتناع بالاختيار.
وأما إذا كان الواجب بالنسبة إلى تلك
المقدمة الاعدادية مشروطا خطابا
[١] ولا يخفى عليك :
ان صاحب الكفاية لم يجعل الخروج مما امتنع على المكلف ، وانما يكون الخروج منهيا
عنه قبل الدخول ، وبعد الدخول لمكان الزام العقل به لا يعقل بقاء النهى ، بل لا بد
من سقوطه ، وان يعاقب عليه. فالمهم في رد مقالة الكفاية ، هو اثبات ان الخروج لم
يكن منهيا عنه قبل الدخول فتأمل ـ منه