الطباطبائي ره على
المكاسب في باب الإجازة في العقد الفضولي ، ليظهر لك ما وقع في كلامه من الخلط
والاشتباه.
إذا
عرفت هذه الأمور ، ظهر لك ان محل النزاع في
الشرط المتأخر انما هو في الشرعيات في خصوص شروط الوضع والتكليف ، وبعبارة أخرى : محل
الكلام انما هو في موضوعات الاحكام وضعية كانت أو تكليفية ، فقيود متعلق التكليف ،
و
جواز تقدم الشرط
أيضا على المشروط ، لأنه حال وجود المشروط معدوم ، وكذا تقدم المقتضى واجزائه ، ولازم
هذا التزام ان المؤثر في النقل ( التاء ) من قوله : ( قبلت ) وان الاجزاء السابقة
ليست بمؤثرة أو انها معدات.
وثانيا : بامكان دعوى ان
المؤثر انما هو الوجود الدهري للإجازة وهو متحقق حال العقد وانما تأخره في سلسلة
الزمان.
وثالثا : نقول : ان الممتنع
انما هو تأثير المعدوم الصرف ، لا ما يوجد ولو بعد ذلك.
ورابعا : على فرض تسليم
الامتناع نقول : ان ذلك مسلم فيما إذا كان المؤثر تاما لا مجرد المدخلية ، فان
التأخر في مثل هذا مما لا مانع منه ، وأدل الدليل على امكانه وقوعه اما في
الشرعيات ففوق حد الاحصاء ، واما في العقليات فلان من المعلوم ان وصف التعقب مثلا
متحقق حين العقد مع أنه موقوف على وجود الإجازة بعد ذلك ، فان كانت في علم الله
موجودة فيما بعد فهو متصف الان بهذا الوصف والا فلا ، لا يقال : انه من الأمور
الاعتبارية.
لأنا نقول : لو لم يكن هناك
معتبر أيضا يكون هذا الوصف متحققا ، وكذا الكلام في وصف الأولوية والتقدم مثلا يوم
أول الشهر متصف الان بأنه أول ، مع أنه مشروط بوجود اليوم الثاني بعد ذلك ومتصف
بالتقدم فعلا مع أنه مشروط بمجيئ التأخر ، وهكذا الجزء الأول من الصلاة متصف بأنه
صلاة إذا وجد في علم الله بقية الاجزاء ، وكذا لو اشتغل بتصوير صورة من أول الشروع
يقال : انه مشتغل بالتصوير بشرط ان يأتي ببقية الاجزاء ، وهكذا امساك أول الفجر
صوم لو بقى إلى الآخر ، وكذا لو هيأ غذاء للضيف يقال : انه فيه مصلحة وليس بلغو
إذا جاء الضيف بعد ذلك ، والا فهو من أول الامر متصف بأنه لغو ، وكذا لو حفر بئرا
ليصل إلى الماء فإنه متصف من الأول بعدم اللغوية ان وصل إليه ، والا فباللغوية ، وهكذا
إلى ما شاء الله من اتصاف شيء بوصف فعلى مع اناطته بوجود مستقبلي.
بل أقول : لا مانع من أن يدعى
مدع ان النفوس الفلكية والأوضاع السماوية والأرضية كما أن كل سابق معد لوجود
اللاحق كذلك كل لاحق له مدخلية في وجود السابق.
بل يمكن ان يقال : ان جميع
اجزاء العالم مرتبطة بمعنى انه لولا هذا لم يوجد ذاك وبالعكس ، فلو لم يوجد الغد
لم يوجد اليوم ، وهكذا ، فجميع العالم موجود واحد تدريجي ولا يمكن ايجاد بعضه من
دون بعض والانصاف : انه لا ساد لهذا الاحتمال ولا دليل على بطلان هذا المقال .. »
( حاشية السيد على المكاسب. كتاب البيع. في تحقيق وجوه الكشف والنقل ص ١٥٠