responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 382

لترك الزنا مع قدرته على الترك بدونه و ارتكاب للزنا بسوء اختياره و على الثاني فلا تكليف لفوات شرط القدرة و الاختيار فلا يحرم عليه الزنا حتى يجب مقدّمة لترك فعل المباح المفروض (و الحاصل) أن يكون فعل اختياري مقدّمة لترك حرام اختياري ليس له صورة معقولة نعم لو قلنا بحرمة تفويت التكليف أمكن الالتزام بوجوب التزويج حينئذ لأنّ تركه مفوت للتكليف في وقته و سبب لخروج المكلّف عن قابلية التكليف فيحرم و قد سبق في مقدّمة الواجب تحقيق هذا المقال و أن تفويت التكليف بمعنى جعل المكلّف نفسه غير قابل لأمر المولى في المستقبل و نهيه و إن شهد له الاعتبار و ساعده بعض الآثار إلاّ أنّه منظور فيه حسبما مرّ الكلام فيه هناك و لذا قلنا بالوجوب النفسي التهيّئي في المواضع التي تثبت الوجوب بالدّليل كالغسل في ليلة رمضان و غيره ممّا فصّلناه سابقا و ربما يورد عليه أيضا بأنّ هذا الفرض راجع إلى الأوّل لأنّ فعل الضدّ مسبوق بإرادته لا محالة و هي صارفة الحرام فترك الحرام دائما مستند إلى الصّارف و ليس هنا صورة يتوقف ترك الحرام منها على فعل المباح حتى يجب من باب المقدّمة و فيه أن إرادة المباح إنّما هي صارفة عن الحرام في زمانه لا في الزمان المتأخّر فقد يتوقف على بقاء الصّارف و بقائه يتوقف على فعل المباح فالإيراد عليه من هذه الجهة ساقط و إنما يرد ما عرفت من أنّ الترك الاختياري كيف يتوقف على فعل اختياري فما ذكروه في باب النكاح غير واضح و لا متضح و قد استدل على وجوب ما يتوقف عليه الترك الاختياري بوجوه أخر تصحيحا لمقالة الفقهاء بوجوب النكاح إذا خشي الوقوع في الزنا بتركه (أحدها) أنّ ترك النكاح في الحال المذكور لما كان مؤدّيا إلى فعل الحرام و فعله سببا لتركه اختيارا لزم على اللّه تعالى بقاعدة اللّطف إيجابه على العباد إذ لا ريب في كون إيجابه مقربا للطّاعة و مبعدا عن المعصية و كلّ مقرب للطّاعة لطف و كلّ لطف واجب فإيجاب النكاح في الفرض المذكور واجب و ربّما يجاب عنه بمنع كلّية الكبرى و هي وجوب اللّطف و لذا ذهب إلى انقسام اللّطف بقسمين واجب و مستحبّ لما نجد بالحسّ و العيان من صدور كثير من المعاصي عن العصاة من جهة ضيق المعاش أو قلّة المال أو عدم الاستطاعة إلى محافظة الفرج بالنكاح و أمثالها فيجب على اللّه تعالى من باب اللّطف أن يوسع على السّارق من المال بما ينصرف به عن السّرقة و الزاني بما لا يشتاق به إلى الزّنا و هكذا سائر أبواب المعاصي الّتي لا يخوض فيها الواجد مثل ما يخوض الفاقد و فيه أن برهان وجوب اللّطف قوي لا ينخرم بالشكوك و الشبهات و هو نقض الغرض المستحيل صدوره عن العاقل المختار فضلا عن الحكيم الواحد القهّار كما تحقق في محلّه و إليه يشير قول اللّه عزّ من قائل كالّتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا حيث شبه سبحانه و تعالى تعييرا عليهم جعلهم من القبيح البعيد عن ساحة العقلاء لما فيه من نقض الغرض بفعل الّتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا و كيف يمكن إنكار وجوب اللّطف على اللّه تعالى مع ما في خلافه من نقض الغرض الّذي لا يصدر عن العاقل فضلا عن الحكيم المنزه عن القبائح بل التحقيق في الجواب على ما حقق في محلّه منع صغرى اللّطف في الأمور المتعلّقة بالدين المبنية على الإحاطة بالمصالح و المفاسد النفس الأمرية إذ بعد رجوع وجوبه إلى قاعدة التحسين و التقبيح يجب ملاحظة الجهات و مزاحمة بعضها مع بعض و التوسعة في المعاش و إن كان مقرونا لبعض الطاعات في بادئ النظر إلا أنّ سلامتها عن الجهات المزاحمة لا تدركها العقول القاصرة فكيف يحكم على اللّه تعالى بأن إعطاء المال للسّارق لطف في حقه و هل هو إلا ترجما بالغيب و اقتحاما في العيب أ لا ترى أنّ النبوة المطلقة بمعنى وجوب بعث الأنبياء ممّا اتفق الكلّ على كونه لطفا مع أنّه كثيرا من الأعصار و الأمصار كانت خالية عن الأنبياء و سفراء اللّه و ما هذا إلا لعدم إحراز الصّغرى و إلا فوجوب كلّ لطف على اللّه ممّا لم يشكّ فيه الحكماء و المتكلّمون (فإن قلت) فعلى هذا يشكل إثبات وجوب نصب الإمام بالدليل العقلي الراجع إلى قاعدة اللّطف لأنّ المجادل في القول له أن يقول إن كون نصب الإمام لطفا ممنوع لعدم العلم بسلامته عن الجهات المزاحمة مثل ما قلت في الأمثلة المذكورة (قلت) بهذه الشبهة تمسّك بعض المتبحرين من العامة في ردّ قول الخواجة نصير اللّه و الدين (قدّس سرّه) حيث يقول في‌

حق الحجة المنتظر (عجّل اللّه تعالى فرجه) وجوده لطف و تصرّفه لطف آخر و عدمه منا و قد أجبنا عنها في رسالة منفردة معمولة في أصول العقائد و محصّل ما أجبنا عنها أن بقاء الشريعة مطلوب من اللّه تعالى فلا بدّ له من حافظ فعلى اللّه نصب الحافظ لأنّ التناقض بين إرادة البقاء مع عدم نصب الحافظ بيّن و احتمال عدم المصلحة في النّصب راجع إلى احتمال عدم البقاء و الفرض خلافه و غاية ما يتوهم أو توهّم في هذا المقام دعوى نهاية الكتاب العزيز و السّنن النبوية في البقاء و أنّه لا يحتاج إلى حافظ آخر و إلاّ فبعد فرض عدم كفايتهما لجميع الأحكام الشرعية كما تقضي به البديهة لا يسع لعاقل أن يمنع وجوب نصب من تم معه غرض البقاء إلى انقراض العالم فالمنع الصّغروي الّذي ارتكبناه في الأمثلة المذكورة لا يأتي في نصب الحافظ فلا يلتفت إليه بعد عدم وجود شي‌ء كاف لجميع الأحكام فكيف يمكن منع كون نصب الحافظ حينئذ لطفا فإن كان للمجادل كلام فإنما هو راجع إلى ما ذكرناه من دعوى وجود ما به الكفاية و نحن معاشر الإمامية

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست