responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 36

عن الوضع و هذا أصل في جميع العلائم المشتركة على وجه التنادب لا الاجتماع مثلا وجود المركوب المشترك بين القاضي و ابنه بالمناوبة دليل على وجود أحدهما على سبيل الترديد و تعيين أحدهما موكول إلى قرينة أخرى معيّنة و ربما يجاب عنه أيضا بأن توقف دلالة المشترك على القرينة إنّما هو لأجل وجود المانع لا لقصور اللّفظ عن الدّلالة و ذلك المانع هو الإجمال النّاشئ عن تعدد الوضع فلولاه لكان المقتضي و هو الوضع كافيا في الدلالة بخلاف المجاز فإنّ القرينة هنا جزء من المقتضي و هذا مع ابتنائه على أصل فاسد كما ظهر وجهه في إبطال الاحتمال الأوّل من الاحتمالات الثلاثة حيث قلنا إنّ القرينة في المجازات ليست جزء من المقتضي مصادقة للبديهة لأن بداهة الوجدان قاضية باستقلال المشترك في الدّلالة على أحد المعاني و هي الّتي يقتضيها الوضع و أمّا القرينة فلا تأثير لها في ذلك و إنّما يؤثر في التعيين و أمّا الثاني فأجاب عنه بعض السّادة المحققين بأنّ معاني الحروف كلّية كمعاني الأسماء و إن كانت آليّة ملحوظة لتعرف حال غيرها غير مستقلّة بنفسها و ليست بجزئية على ما توهّم العضدي و من تبعه و دلالتها على معانيها الكلية لا تتوقف على ذكر المتعلّق و إنّما الموقوف عليه دلالتها على المعنى المراد منها في الاستعمالات و هذا مبني على ما أصله من الأصل الّذي نتكلّم فيه إن شاء الله من إنكار الوضع العام مع خصوصيّة الموضوع له في لغات العرب رأسا و أنّه أمر اخترعه بعض المتأخرين و من تبعه في قبال كافة علماء العربية (أقول) سيأتي الكلام في المبني إن شاء الله و أمّا البناء فهو غير سديد لأنّ دلالة الحروف على معانيها الجزئية في الاستعمالات الشخصيّة أيضا غير مستندة إلى ذكر المتعلّق فهي دالّة على تلك المعاني الجزئية الآليّة بنفسها و إنّما المحتاج إلى ذكر المتعلّق المدلول دون الدلالة و بينهما من الفرق ما لا يكاد يخفى نعم لو قيل بأن معاني الحروف أمور كلية و إن كانت آلية كما ذهب إليه (رحمه الله) كان ذكر المتعلّق محتاجا إليه في الدّلالة على المراد كقرينة المشترك لا في الدلالة على نفس المعنى فإنّ سماع كلمة من حينئذ قبل مجي‌ء ذكر المتعلّق سبب بحكم الوضع للانتقال إلى أحد الابتداءات الخاصة على نحو الإجمال في الإرادة و تعيّن إرادة بعضها يحتاج إلى ذكر المتعلّق فافهم و اغتنم فالإشكال على القول بأنّ معاني الحروف كلّية أولى بالورود و مثل الإشكال في شمول الحدّ للحروف يجري في الموصولات و المبهمات على القول بوضعها للجزئيات و الجواب عنه مثل ما ذكرنا في الحروف (فنقول) إنّ المبهمات يوجب الانتقال إلى أحد معانيها على وجه الإجمال و تعيينه يتوقف على ملاحظة الخصوصيات و ليس كالحروف في استحالة الانتقال إلى المعنى الجزئي المقصود منه قبل ذكر المتعلّق كما يظهر بالتأمّل و من زعم أنّ ذكر المتعلّق شرط اعتبره الواضع في دلالة الحروف على معانيها كالمحقق العضدي و التفتازاني في شرح الشّرح فعليه بالفرق بينها و بين المجاز و أنّى له بذلك مع أنّك قد عرفت أنّ دلالة الشي‌ء على الشي‌ء لا يعقل اشتراطها بشي‌ء و إنّما المعقول هو التركيب في الدّال كالألفاظ المركّبة من الحروف أو الكلمات بالتركيب المزجي و أمّا التقييد فلا و إن أريد أن ذكر المتعلّق شرط وضعي للاستعمال فهو أمر معقول لكن شرط الاستعمال ليس مما يختلّ الدّلالة باختلاله غاية الأمر أنه في صورة مخالفة الشّرط تخرج الدّلالة من قانون الوضع و لا تنعدم رأسا لكونها من خواص العلم بالوضع و قد نقل عن التّفتازاني الاعتراف بأنّ حدّ الوضع غير جامع لوضع الحروف و بناء على الاشتراط المزبور و نعم الاعتراف و ممّا ذكرنا ظهر ما في كلام الحاجبي و العضدي حيث فرقا بين الحروف و الأسماء اللاّزمة الإضافة مثل ذو و فوق و تحت بأنّ ذكر المتعلّق في الحروف يتوقف عليه أصل دلالة الحروف على معانيها الإضافية و في الأسماء يتوقف عليه حصول غرض الوضع إذ لو قيل زيد ذو بدون الإضافة إلى شي‌ء لم يفد فائدة الوضع بل التحقيق أنّ الفرق بينهما من وجه آخر و هو أنّ معاني الحروف مع كونها إضافية آليّة محضة مستدرجة في طيّ الكلام غير قابل للإشارة حتّى يحكم عليها أو بها بخلاف الأسماء اللاّزمة الإضافة فإنّها معاني ملحوظة باللّحاظ الاستقلالي و إن كانت إضافيّة و كذا يشار إليها و يحكم عليها و بها كما حقق ذلك في النّحو سيّما في التحقيقات الشّريفة و تعجّبي ممّن تصدى لتصحيح التعريف على تقدير اشتراط الحروف بذكر المتعلّق تعريضا على التفتازاني و لم يأت ببيان سوى ما ينفي الاشتراط و يفيد الاستقلال في الدلالة و

أعجب منه أنّه مع قوله بأنّ معاني الحروف جزئية ذكر في المقام بأنّ سماع الحروف من حينه سبب للانتقال إلى معناه الآلي قبل ذكر المتعلّق مع أنّ قضية الآليّة عدم تعقّلها إلاّ بعد تحقق المتعلّق فكلّ ما ينتقل الذّهن إليه قبل مجي‌ء المتعلّق أمر قابل للإشارة و إذا كان قابلا لها قبل الحكم عليه و به فيكون كالمعنى الاسمي ثمّ إنّ له إشكالا على التعريف استصعب دفعه و الأمر هيّن و حاصله أنّ الفرق بين المجاز المشهور و المنقول بالغلبة غير واضح فإن أريد بالتعيين ما يختصّ بالوضع القصدي التعييني خرج المنقول بالغلبة و إن أريد الأعمّ دخل المجاز المشهور لأنّه متعيّن للدلالة على المعنى المجازي بسبب الشهرة كتعيّن اللّفظ للدلالة على المعنى بسبب الوضع لأنها سبب للتعيين كما أنّ الوضع أي التّعيين أيضا سبب له و المناط حصول التعيين بأيّ سبب كان و إلاّ خرج المنقول و مثل المجاز المشهور ما لو نصّ المستعمل على إرادته للمعنى المجازي عند إطلاقه اللّفظ و النّقض به وارد على تقدير التخصيص بالتّعييني أيضا و هذا البيان خير ما بيّن به مراده لاشتماله على أمور زائدة ثم أجاب عن الإشكال بوجوه مزيفة كلاّ أو جلاّ و لا يخفى ما فيه أمّا أوّلا فلأنّا نختار اختصاص التعريف بالوضع القصدي التّعييني و نلتزم بخروج المنقول عن الحدّ و لا خير فيه بل هو أمر واجب نظرا إلى اختصاص المحدود و هو الوضع بذلك لبداهة أنّ الوضع فعل للواضع فلا يتناول التعيين الذي هو من صفات اللّفظ و إطلاق الوضع على المنقولات مبني على نحو من التجوز بإرادة اللاّزم من الملزوم أو على الاشتراك اللّفظي مع أنّ المنقول بأنّ التعريف للقدر المشترك بين الوضعين غلط مبنيّ على استعمال لفظ التّعيين في اللازم و الملزوم على نحو الاستقلال الآئل‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست