responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 37

إلى استعمال اللّفظ في المعنيين و استعماله في القدر المشترك أغلط إذ لا جامع بين التعين و التّعيين كما لا يخفى نعم يرد عليهم ما أشرنا إليه من أنّ الوضع مأخوذ في تعريف اللّغة فإذا كان المراد ما يخصّ القصدي لم يطّرد تعريف اللّغة كما قلنا إلاّ أن يوجّه بما قلنا سابقا و لا مؤاخذة على القوم في عدم تعرضهم لوضع المنقولات هنا ثقة بما صرّحوا به في مقام آخر و أمّا ثانيا فلمنع تحقق التّعيين في المجاز المشهور كيف و ظاهر الأكثر و منهم المستشكل تقديم الحقيقة و لو أراد النقض على من يقول بالتّوقف أو بتقديم المجاز كصاحب المعالم في ظاهر كلامه في باب الأمر فيمكن أن يجاب أيضا بأنّ المراد بالتعيين على تقدير شمول التعريف له ما يوجب هجر الحقيقة الأولية و يبعدها عن الأذهان مع قطع النّظر عن الشهرة و الأمر في المجاز المشهور ليس كذلك و إلاّ بلغ درجة النّقل و منه يعلم الفرق بينه و بين المنقول بالغلبة و أنّ قياسه به مقرون بالفارق و مرجع كلامنا أنّ التعيّن متى لم يبلغ رتبة تفيد اختصاص جوهر اللّفظ بالمعنى لم نكتفي به في الوضع و من ذلك بان أنّ قياس التعين المتحقق في المجاز المشهور بالتعيّن الموجود في المنقول مبني على الغفلة عن حقيقة المجاز المشهور فإن قلت لو اعتبر في الوضع كون التعيّن بحيث يوجب اختصاص اللّفظ بالمعنى بطل الاشتراك و ثبت قول مستحيله لأن التعينات الحاصلة في المشتركات بواسطة الأوضاع المتعددة ليست بمثابة توجب اختصاص اللّفظ بالمعنى إلا مع قطع النّظر عن تعيّنه للآخر لأنّ تعين اللّفظ بكلّ من المعاني يساوي تعيّنه للآخر و قد اعترفت أنّ مثل هذا التعين حاصل في المجاز المشهور أيضا لمساواته للحقيقة المرجوحة و إلاّ فلا معنى للتوقف فيشمل التعريف حينئذ للمجاز المشهور قلت فرق بين التعيّن الابتدائي و التعيّن الطّارئ و ما ذكرنا معتبر في الثاني دون الأوّل و السّر فيه أن التعيّن المعتبر في الوضع ما كان مع قطع النّظر عن جوهر اللّفظ كالشّهرة و هذا في الوضع التعيني لا يتحقق إلاّ مع هجر الحقيقة الأولية و من هنا حصروا الوضع الحاصل بسبب كثرة الاستعمال في المنقول الّذي يعتبر فيه هجر الحقيقة الأوّلية و لم يقسموا الوضع الحاصل بسبب التعين الناشئ عن الاستعمال إلى المنقول و المشترك و الحاصل أن التعين الّذي يعتبر في الوضع و في كون اللّفظ حقيقة ما كان حاصلا بسبب تعيين الواضع أو بسبب كثرة الاستعمال و الاشتهار و لكن يعتبر في القسم الثاني أن يكون بحيث يوجب اختصاص اللّفظ بالمستعمل فيه و هجر الحقيقة الأولية و سمّوا ما ليس بهذه المثابة بالمجاز المشهور و بما ذكرنا ظهر سقوط إيراد بعض المحققين على صاحب المعالم حيث حصر في ظاهر كلامه الوضع الحاصل بسبب غلبة الاستعمال في المنقول الّذي يعتبر فيه الهجر من أنّ هذا الحصر باطل لأنّ غلبة الاستعمال ربّما توجب الوضع للمعنى المستعمل فيه من غير هجر المعنى الأوّل وجه السّقوط أن هذا الّذي توهم كونه حقيقة بعينه هو المجاز المشهور عند القوم لأنّ المجاز المشهور عبارة عن كلّ لفظ كثر استعماله في المعنى المجازي إلى حدّ التكافؤ مع الحقيقة عند عدم القرينة أو حد الرجحان على اختلاف الآراء من دون هجر الحقيقة الأوّلية فلا بد من محافظة تعريف الوضع عن دخول مثله و لو بقرينة المقام نعم يرد عليهم حينئذ أنّ ملاك الوضع و هو التعيّن موجود في المجاز المشهور أيضا فلم سمّوه بالمجاز لكن الخطب فيه سهل لأنه مناقشة في الاصطلاح و إلا فجميع أحكام الوضع يجري في المجاز المشهور أيضا من التوقّف أو تقديمه على الحقيقة المرجوحة إلاّ أن يقال إنه بملاحظة الشّهرة و كيف كان فالحدّ سليم عن الإشكال و الكلام في تصحيح الحدّ على حسب ما اصطلحوا في الوضع لا في وجه تسمية المجاز المشهور مجازا و بقية الكلام في هذا المرام موكول إلى بعض المباحث الآتية هذا في المجاز المشهور و أما تنصيص المستعمل على إرادة المعنى عند إطلاق اللفظ و حاصله نصب قرينة عامة ففيه أوّلا أنّ هذا هو الوضع لأنّ الوضع ليس إلاّ تعيين اللّفظ للمعنى بحيث يرجع إلى التّوسيم غاية الأمر كونه حقيقة عرفية لا لغويّة و لا ريب أن المحدود ليس خصوص الوضع اللّغوي و ثانيا أن التعيين للإرادة تعيين للاستعمال لا للدّلالة و المناط هو الثاني دون الأوّل و قد اعترف به المستشكل في غير موضع من كلامه و ممّا ذكرنا تعرف الحال في بقية ما ذكره في ذيل الإشكال المزبور إلى آخر المسألة فارجع و تأمّل هذا ثم إن في تعريف المشهور زيادة على ما عرفت من عدم تناوله‌

للمنقول بالغلبة بحث آخر و هو أنّ الوضع ليس عبارة عن تعيين اللّفظ للدلالة كيف و اللّفظ إنما وضع لنفس المعنى لا للدّلالة عليه و جعل اللاّم للتعليل بأن يكون المفعول الثاني مقدّرا مدلولا عليه بالمقام غير صحيح لأنّ غرض الوضع على ما هو المشهور ليس هو الدّلالة على المعنى بل التركيب و يمكن الذّبّ عنه بتكلّف ركيك مضافا إلى أن التقدير مع كونه خلاف ظاهر العبادة مخالف للأصل و التعريف الصّحيح الجامع للوضع بعد حمله على ما يعمّ التّعييني و التعيّني أن يقال إنّه تخصيص لفظ بمعنى أو اختصاصه به مع هجر المعنى الأوّل فينطبق على ما في المعالم و غيره و يخرج المجاز المشهور كما لا يخفى و سيجي‌ء مزيد بيان لهذا المقام إن شاء الله‌

بديعة [الكلام في بيان فائدة الوضع‌]

فائدة الوضع على ما صرّح به غير واحد ليست هي إفادة المعاني المفردة بل الغرض منه تأليف الكلام من الألفاظ الموضوعة لإفادة المعاني المركبة المشتملة على النّسب التامة و النّاقصة و ذكروا في وجهه أن الغرض منه لو كان إفادة المعاني المفردة لزم الدّور و تقرير الدّور على ما في المنية أنّ إفادة الألفاظ لمعانيها موقوفة على العلم بكونها موضوعة لتلك المعاني الموقوف على العلم بتلك المعاني ضرورة تأخّر العلم بأن اللفظ الفلاني موضوع للمعنى الفلاني عن العلم بذلك اللّفظ و ذلك المعنى فلو استفيد العلم بتلك المعاني من تلك الألفاظ لزم الدّور ثمّ أورد على نفسه بأن ذلك بعينه وارد في المركبات فأجاب عنه بأنّا لا نمنع أن إفادة المركبات لمعانيها يتوقف على العلم بكونها موضوعة لها بل بوضع المفردات‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست