responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 358

عمّا نظر إليه و الفؤاد عمّا عقد عليه (و منها) قوله تعالى‌ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ‌ دلّ على النّهي عن الفاحشة الباطنيّة و هي الكيفيّات النفسانية الخبيثة من نحو الكبر و العجب و الحسد و إرادة المعصية و نحوها (و منها) قوله تعالى‌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‌ فإنّه يدلّ على ثبوت العقاب على حسب إشاعة الفاحشة و هو مرتبة من الإرادة (و منها) قوله تعالى‌ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ‌ دلّ على المؤاخذة على ما في النّفس الّذي هو عبارة عن القصد (و منها) قوله تعالى‌ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً يدلّ بالمفهوم على أن من أراد علوّا و فسادا ليس له في الآخرة من نصيب و هو كناية عن كونه مؤاخذا بذلك في الدّار الآخرة و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسيره أنّ الرّجل يعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل أخيه فيدخل تحتها (و منها) قوله تعالى‌ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ‌ إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على حرمة إرادة السّوء و المؤاخذة عليها (و أمّا الأخبار) فطوائف (منها) ما يدلّ على الذّم و العقاب على نية المعصية مثل قوله (صلى اللَّه عليه و آله) نيّة الكافر شرّ من عمله و قوله إنّما يحشر الناس على نياتهم و قول الصّادق (عليه السلام) إنما خلد أهل النّار في النار لأنّ نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا و إنما خلد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نياتهم كانت في الدّنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا فبالنيّات خلد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالى قل كلّ يعمل شاكلته أي على نيته و مثل ما روي من أنّ من سر سريرة رداه الله رداءها إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا و ما عن الصّادقين ملعون من ترأس ملعون من هم بها ملعون من حدث بها نفسه و ما ورد من أنّه إذ التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل و المقتول كلاهما في النار قيل هذا القاتل فما بال المقتول قال (صلى اللَّه عليه و آله) لأنّه أراد قتل صاحبه و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذيل الخبر المرويّ عنه (عليه السلام) في بيان اطّلاع الملكين على النيات أنّ المؤمن إذا نوى الشر خرج من فمه مثل رائحة الكنيف فيتكرّهان منه و يعلمان أنّه نوى الشر فيكتبانها عليه إلى غير ذلك ممّا يطّلع عليه المتتبع في كتب الأخبار (و منها) ما يدلّ على المؤاخذة على الرضا بما يفعله الغير من المعاصي فهي تدلّ على ثبوت المؤاخذة على الرضا بفعل النفس بطريق أولى أو تنقيح المناط مثل ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه و على الدّاخل إثمان إثم الرضا و إثم الدّخول و ما روي من أنّ من رضي بفعل قوم فقد لزمه و إن لم يفعل و ما ورد في كثير من الروايات المأثورة عنهم (عليهم السلام) من قولهم (لعن اللّه أمّة قتلتك و لعن اللّه أمّة ظلمتك و لعن اللّه أمّة سمعت بذلك فرضيت به) و نحو ذلك (و منها) ما ورد في بعض مقدّمة بعض الحرام كالغرس للخمر و المشي لسعاية المؤمن و هذه الأدلّة و في مقابلها أخبار أخر تدلّ على عدم العقاب على نية المعصية و هي بين ما يدلّ على العفو عنها مثل ما عن الصّادق (عليه السلام) أن المؤمن يهمّ بالسّيئة أن يعملها فلا يعملها فلا يكتب عليه و عنه (عليه السلام) إذا همّ العبد بالسّيئة لم يكتب عليه و إذا همّ بحسنة كتب له و عنه (عليه السلام) أيضا قال قال رسول اللّه (صلى اللَّه عليه و آله) في حديث إنّ من همّ بسيّئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شي‌ء و إن هو عملها أجّل سبع ساعات و بهذا المضمون روايات كثيرة يجدها المتتبع في كتب الأخبار و بين ما يدلّ على عدم الاستحقاق رأسا و هو ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن الصّادق (عليه السلام) أنّه قال لو كانت النيات من أهل الفسوق يؤخذ بها لأخذ كلّ من نوى الزّنا بالزنا و السّرقة بالسّرقة و كلّ من نوى القتل بالقتل لكن اللّه عدل كريم ليس الجور من شأنه فإنّه يدلّ على عدم المؤاخذة على نية المعصية و أن قاصد السوء لا يستحق العقوبة فقد ذكر في وجه الجميع بين ما يدلّ على المؤاخذة

و العقاب و أخبار العفو وجوه (أحدها) ما ذكره شيخنا العلاّمة من حمل ما دلّ على العفو على من ارتدع عن قصده بنفسه و حمل ما دلّ على ثبوت المؤاخذة على من بقي على قصده حتى عجز عن الفعل لا باختياره و لعلّه يومئ إليه ما مرّ عن مولانا الصّادق (عليه السلام) أنّ المؤمن يهمّ بالسّيئة أن يعملها فلا يعملها فلا يكتب عليه لظهور قوله فلا يعملها في ارتداعه عنه بنفسه و اختياره و يبعده أن الارتداع بنفسه لا يكون إلاّ مع الندم و هو التوبة المكفرة لجميع المعاصي و أخبار العفو آبية عن ذلك لظهور انسياقها في إثبات خصوصيّة للقصد من بين المعاصي (و ثانيها) حمل أخبار العفو على صورة الارتداع مطلقا و لو لم يكن باختياره و حمل ما دلّ على المؤاخذة على غيرها و هو ممّا لا شاهد له في الأخبار (و ثالثها) حمل أخبار العفو على من اكتفي بمجرّد القصد و ما عداها على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات و إنما يشهد له ما ورد في الغارس للخمر و الماشي لسعاية المؤمن من تحريم المشي و الغرس (و رابعها) حمل أخبار العفو على المؤمن و غيرها على غيره و يشهد له اختصاص بعض الأخبار الدّالة على العفو بالمؤمن (و خامسها) حمل ما دلّ على ثبوت المؤاخذة على مجرّد الاستحقاق و إبقاء ما دلّ على العفو على ظاهره و يمكن المناقشة و الخدشة في الكلّ و إن كان بعضها أولى من الآخر و أحسن الجموع ما صرّح به الأصحاب كالشهيد و البهائي و غيرهما ممّن عرفت من المصرّحين بعدم العقاب و إن كان أهلا له فيكون من موارد العفو الحتمي الّذي جوّزوه في علم الكلام كالظهار و نحوه ممّا ليس المقام مقتضيا لذكره فيصير حاصل مجموع الأدلّة الأربعة المذكورة في العزم و الإرادة أن إرادة المعصية معصية إلا أنّها معفوّ عنها منة على هذه الأمة فهو من خصائصهم لم يكن لغيرهم من الأمم كما في‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست