responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 261

المأمور على العمل إلاّ أن ذلك لم يلحظ في وضع الجمل بل الملحوظ فيها هو مجرّد الإخبار عن وجود المخبر به فالصّيغة يزيد مدلولها عن مدلول الجمل بهذه المزية الّتي صار بسببها إنشاء (و الحاصل) أنّك عرفت سابقا أنا لا ننكر مغايرة الطّلب للإرادة النفسانية مفهوما و مصداقا و لكن ندعي كونه من العناوين الثانوية و أنّه ليس كسائر المعاني من العناوين الأولية و هذا الّذي نقول به و بمغايرته للإرادة إنشاء و ليس بإخبار فنقول الطّلب بالمعنى المذكور شرط للموضوع له بأن يكون موضوعا للإرادة حيث أراد المتكلّم بعث المأمور على العمل و تحميله عليه فالطّلب و التحميل و البعث غرض وضع الآمر للإرادة فهاهنا شيئان معنى موضوع له و غرض الوضع فالموضوع له هو الإرادة و الغرض هو البعث فيدل بمقتضى مراعاة الغرض على وجود الإرادة لأنّ الانبعاث و الإقدام هنا يتفرعان على الإرادة دون اللّفظ و بهذا يفترق عن الجملة لأنّ هذا الغرض غير ملحوظ في وضعه و إن كان هو أيضا داخلا في هذا العنوان الثانوي ضرورة صدق البعث و الاقتضاء و الطلب على كلّ كاشف عن الإرادة الملزمة فتأمل و قيل في بيان الفرق بينهما بأن مدلول الجملة معنى اسميّ مستقلّ بالملاحظة و مدلول الصّيغة معنى حرفي غير مستقلّ آلة لملاحظة حال المادة كما يظهر من الفصول و فيه أنّ هذا الفرق و إن كان حسنا إلاّ أنّه بمجرّد ذلك لا يصير الجملة إخبارا و الصّيغة إنشاء ألا ترى أنّ هذا الفرق بعينه موجود بين لفظ الابتداء و كلمة من في قول القائل ابتداء سيري البصرة و قوله سرت من البصرة مع اشتراكهما في كونهما إخبارا و أضعف منه ما قد يقال إن الفرق بينهما أن الجملة إنّما تكشف عن الإرادة المطلقة و الصّيغة كاشفة عن الإرادة الحتمية و هي الإرادة المقرونة بعدم طيب لنفس المتكلّم الآمر ترك ما تعلّقت به الإرادة فإن مجرّد ذلك أيضا غير مجد في المقام كما لا يخفى (و ثانيا) لو أغمضنا عن ذلك كلّه و سلّمنا مقالة الخصم مماشاة له من أن مدلول الصّيغة لو كان نفس الإرادة لزم ارتفاع الفرق بين الجملة و الصّيغة فلا يثبت به أيضا مدّعيه و هو لزوم الالتزام بأمر نفساني ورى الإرادة من النسبة الإنشائية أو أمر آخر غيرها من الحالات النفسانية كما قال به القائلون بالمغايرة إذ لنا حينئذ أن نجعل مدلول الأمر ما يحدث به و يحصل بسببه من العنوان الثانوي الخارج عن النفس الصادق على الصّيغة الكاشف عن الإرادة و هو الإلزام و البعث الحاصلين بصدور اللّفظ (و إن قلت) كيف يمكن أن يكون العنوان الثانوي الحاصل من اللّفظ و معلوله معا موضوعا فإن الموضوع له ما يكون اللفظ كاشفا عنه كشفا إنّيا لا كشفا لميّا كما عرفت فيما سبق في غير موضع (قلت أوّلا) القائلون بأن الطّلب غير الإرادة قد صرّح بعضهم بأن الطّلب الّذي هو عبارة عن النّسبة الإنشائية غير الإرادة مدلول للّفظ و يحدث بحدوثه و عليه يعود السّؤال أيضا كما لا يخفى و كلّما هو الجواب على القول بالمغايرة و التفصّي عنه على مقالتهم فهو الجواب على مقالتنا أيضا (و ثانيا) إن الوضع عبارة عن تخصيص شي‌ء بمعنى و هذا المعنى لا يجوز أن يحقق في العنوان الثانوي الّذي من اللّفظ بأن يقول الواضع إنّ كلّ من أراد تحميل عبده على شي‌ء و بعثه إليه و تكليفه به فليقل هذا اللّفظ فإن البعث و التحميل حينئذ يصير موضوعا له و إن كان حاصلا من اللّفظ (و إن قلت) إن ذلك مستلزم للدّور فإنّ استعمال اللّفظ في معناه يتوقف على تحقق ذلك المعنى في الخارج و يتوقف تحقق ذلك على استعمال اللّفظ فيه و هذا دور (قلت أوّلا) إن هذا مشترك الورود إذ لا فرق في هذا المحذور بين أن يكون المعنى الحادث باللّفظ أمرا نفسيّا أو عنوانا من عناوينه حاصلا بحصوله (و ثانيا) إنّ التوقف من الجانبين ممنوع لأن المعلول يتوقف على العلّة و لكن العلّة ليس بمتوقف على المعلول بل مستلزم له فتأمل (و ثالثا) إنّ المحذور المذكور لازم للقول بالمغايرة أيضا فهو مشترك الورود على الفريقين و عليهما التّصدي لبيان الفرق و لا اختصاص له بالقائلين بالاتحاد لأنّ قوله أطلب منك الفعل و قوله افعل كلاهما كاشفان عن الطّلب النّفسي الّذي هو غير الإرادة على القول به فعلى الأشعري أيضا رفع الإشكال كالمعتزلة من غير فرق (و الحاصل) أنّ هذه المسألة غامضة علميّة لا بدّ من حلّها أو كشف الغناع عنها سواء قلنا باتحاد الطّلب للإرادة أو بالمغايرة و دعوى أنّ مدلول الأوّل ليس هو ثبوت المعنى النّفساني الّذي يسمّونه بالطّلب لكونه موجودا بوجود

الأمر فإذا لم يكن أمر لم يكن وجود في نفس المتكلّم فلو قال أطلب منك كذا كان المراد به ما يقارنه أو يلازمه من الإرادة و نحوها من الكيفيات النّفسانية واضحة الفساد و إن كاد أن يكون صريح كلام المحقق الخوانساري و بعض آخر ضرورة أن الطّلب لا بدّ أن يكون معنى قائما بنفس المتكلّم و يكون اللّفظ عليه دليلا و من الواضح أن صيغة الأمر لا يحدث بها معنى في النّفس بأن يكون علّة لوجوده و إلاّ لزم الدّور فتأمل فلا بدّ أن يكون كاشفا عنه و يكون شيئا راجعا إلى اختيار المتكلّم و مشيّته و يكون الكاشف عنه تارة مادّة الطّلب و أخرى صيغة فالإشكال وارد عليهم نقضا من غير فرق و لو سلّم استناد وجوده إلى اللّفظ لم ينفع أيضا لأنّ لنا أن نقول إن الموضوع له هو العنوان الّذي يحدث بحدوثه حسبما مر و به نتفصّى عن الإشكال و نبيّن الفرق بين الإخبار و الإنشاء من غير حاجة إلى الالتزام بأمر نفساني غير معقول (و الحاصل) أن مدلول الأمر عند القائلين بالمغايرة إن كان أمرا نفسيّا سابقا على اللّفظ بحيث‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست