responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 249

مع خلوّه عن إظهار العلو (و على الثّاني) صحّة سلب الأمر عمّا يصدر من السّافل نحو العالي و لو على سبيل الاستعلاء و إظهار العلوّ هذا (و احتج) القائلون باعتبار الاستعلاء أنّا نقطع بأن العبد إذا قال لسيّده على وجه الاستعلاء أنت مأمور بكذا أو أمرتك بكذا ذمّه العقلاء و يستقبحونه و لو لا صدق الأمر على ما صدر منه لما توجّه عليه الذّم و اللّوم (قلت) إن أرادوا إثبات كون الأمر حقيقة في طلب المستعلي السّافل بذم العقلاء على أن يكون ذمّهم هو الدّليل على المدّعى كما هو ظاهر كلام الحاجبي ففيه منع الدّلالة فإنه على فرض كونه حقيقة في طلب العالي و مجازا في المستعلي الدّاني يتوجه عليه الذم و اللّوم أيضا إذ هو بقوله لسيّده أمرتك بكذا استعلى و استكبر على المولى و نزل نفسه منزلته و جعله بمنزلة نفسه و نفس ذلك أمر شنيع يستحق لأجله الذّم و اللّوم و العقاب و إن لم يصدق عليه الأمر حقيقة عرفا فالدّليل حينئذ أعمّ من المدّعى و إن أرادوا من ذلك بيان ظهور صدق الأمر في الاستعلاء على أن يكون الدليل على المدّعى هو الظّهور العرفي المذكور و يكون توسيط مقدّمة و ذم العقلاء لئلا ينكر عليهم الخصم ذلك الظّهور ففيه مع أنّه بعيد عن ظاهر كلامهم أنّ التبادر و الظّهور العرفي إنّما هو حجة إذا كان مستندا إلى حاق اللّفظ بلا مئونة قرينة و أمّا إذا كان هناك قرينة صالحة لاستناد ذلك الظّهور إليها فلا و دنو العبد هنا قرينة حالية على إظهار العلو في أمره على المولى و بعبارة أخرى إنّه كما يحتمل أن يكون الظّهور المذكور مستندا إلى حاق اللّفظ بواسطة الوضع كذا يحتمل أن يكون مستندا إلى القرينة المذكورة الصّالحة لذلك فاختيار استناده إلى الوضع ليس بأولى من اختيار استناده إلى القرينة فتوهّم استناد الظّهور إليه مع وجود القرينة غلط صرف (فإن قلت) إن دنو العبد إنّما هو قرينة صارفة عن معناه الحقيقي و هو طلب العالي و أمّا على تعيين خصوص الاستعلاء فيحتاج إلى قرينة أخرى معينة لجواز استعماله الأمر في الدّعاء مجازا في الكلمة لا في الإسناد حتى يكون مبنيّا على الاستعلاء فلا منشأ لظهوره سوى الوضع ضرورة توقفه على أحد أمرين إمّا الوضع أو القرينة فحيث انتفي الثاني تعين الأوّل أعني استناد الظهور إلى الوضع و انفهامه منه خاصة (قلت أوّلا) إنّ الكلام هنا مع المستدلين الّذين كان مفروض كلامهم في صورة تحقق الاستعلاء سواء كان إحرازهم إيّاه عن ظاهر اللّفظ أو عن أمر خارج منه و عليه فلا حاجة إلى قرينة أخرى معينة (و ثانيا) لو سلّمنا ذلك فإنّما هو يتم لو كان المجاز في الكلمة هنا صحيحا و فيه إشكال بل منع لعدم العلاقة المأنوسة المصحّحة بين طلب العالي و الالتماس و الدّعاء سوى علاقة التضاد و هو كما ترى ضرورة عدم اطّراد علائق المجاز الّتي ذكروها كما لا يخفى على الخبير العارف سلّمنا جواز ذلك لكنّه أبعد من التجوز في الإسناد فإنّه أقرب إلى المعنى الحقيقي عرفا و اعتبارا بل قد يقال إنّه حقيقة و ليس بمجاز كما عليه أهل المعاني و البيان و قد تقرر أنّ اللّفظ ظاهر في أقرب المجازات إذا تعذّر الحقيقة فمنشأ الظهور كون الاستعلاء أقرب المجازين دون الوضع حتّى يثبت المدّعى (و ثالثا) إن تنزلنا و أغمضنا عن ذلك كلّه (فنقول) قصوى الأمر كون المقام ممّا اشتبه فيه الأمر في مستند التبادر هل هو الوضع أو القرينة و المرجع في مثل المقام إلى العلائم الأخر و قد عرفت صحّة سلب الأمر عن طلب المستعلي السّافل فهي دليل على مجازيته في المقام فهو المتبع فافهم و اغتنم و ممّا حققناه ظهر فساد القول باعتبار خصوص الاستعلاء و كذلك القول بكفاية أحد الأمرين منهما مع ما يزيد من الإيراد على الأخير منهما باستلزامه الاشتراك الباطل هنا بالبداهة ضرورة أن أحد الأمرين من العلوّ و الاستعلاء لو كان كافيا في تحقق الأمر لكان اللاّزم أن يكون الأمر حقيقة في كلّ من طلبي العالي و المستعلي و ذلك إن كان على وجه الاشتراك اللّفظي فمع أنّه لا يلتزم به القائل ظاهرا مخالف لما اتفقت عليه آراؤهم كما لا يخفى على العارف بمطاوي كلماتهم و إن كان على سبيل الاشتراك المعنوي فيئول إلى القول بعدم اعتبار شي‌ء منهما و ذلك لأن الاشتراك المعنوي يعتبر فيه وجود جامع قريب أعني به مفهوما كلّيا قابلا لاندراج مجموع الأفراد فيه صالحا لوضع اللّفظ بإزائه مستعملا فيه اللّفظ و لو أحيانا و هو غير حاصل هنا إذ الجامع المتوهّم هنا هو مفهوم الطّلب و لو التزم بوضع الأمر بإزائه و استعماله فيه‌

من دون اتخاذ قيد خصوصية أحد الفردين فيه لزم القول بعدم اعتبار شي‌ء منهما كما لا يخفى و هو خلاف مقصوده و مدّعاه مع أنّه فاسد من رأسه و صحة سلب الأمر عمّا يصدر من المسائل الغير المستعلي و تبادر غيره حجّة عليه و ليس ما وراه قدر جامع بينهما صالح لأنّ يكون هو الموضوع له و ما قد يتوهم أنه العالي سواء كان واقعيّا أو ادّعائيا فشطط من الأوهام و غلط من الكلام لأنّ العالي الادّعائي ليس بعال فالقدر المشترك بينه و بين العالي يرجع إلى القدر المشترك بين الوجود و العدم و هو كما ترى (و احتجّ) من اعتبر فيه الأمران بأنا نرى عدم صدق الأمر عرفا على طلب العالي المستسفل فلو كان حقيقة في طلب العالي مطلقا لصدق عليه الأمر فيعتبر منه الاستعلاء أيضا (و أجيب عنه) بأن عدم صدق الأمر على الطّلب المذكور ليس لعدم الاستعلاء بل لوجود التسفل و الانخفاض فإن الاستعلاء و إن لم يكن معتبرا لكن التسفل مانع هذا (أقول) و الّذي يقتضيه النظر أنّ الفرق بين الأمر و الدّعاء و الالتماس إن كان باختلاف مراتب الطّالبين كما عليه كافة المحققين‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست