responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 248

ذهنه بين تلك المعاني و هذا آية كونه مشتركا بينهما لبداهة عدم إمكان التردّد فيما إذا كان حقيقة في أحدها و مجازا في الباقي و حيث عرفت بطلان الاشتراك اللّفظي لو دار الأمر بينه و بين الاشتراك المعنوي فتعين الاشتراك المعنوي و ربّما يظهر من بعض من اختار أنّ الأمر مجاز في الفعل الاستدلال عليه بصحة التصرّفات و الاشتقاقات من لفظ الفعل دون الأمر بهذا المعنى و لو كان الأمر حقيقة في الفعل يصير مرادفا له و لازمه صحّة جميع التصرّفات و الاشتقاقات الجائزة من لفظ الفعل فعدم صحّتها منه بهذا المعنى كاشف عن كونه مجازا فيه و فيه أنّ لفظ الفعل و كذا جميع المصادر من الضرب و القتل و نحوهما يلاحظ تارة من حيث إنّه أمر صادر عن الفاعل و يطلق عليه الحدث و يشتق منه بهذه الملاحظة و قد يلاحظ من حيث كونه موجودا من الموجودات و شي‌ء في مقابل ما عداه من الموجودات و هو بهذا اللّحاظ يصير مفعولا مطلقا لا يجوز الاشتقاق منه لأنّه بهذا الاعتبار من الجوامد الغير القابلة للاشتقاق كالشّي‌ء و الأمر بمعنى الفعل إنّما هو بالمعنى الثاني هذا ما يتعلّق بالأمر بالمعنى الّذي يجمع على الأمور و أمّا بالمعنى الّذي يجمع على الأوامر و هو ما يقابل النّهي فقد اختلفوا في تحديده فعرّف بتعاريف عديدة و حيث إن اختلافهم في التحديد نشأ من الاختلاف بينهم في حقيقة المحدود و ليس مجرّد الاختلاف في مقام التعبير و المؤاخذة في الطّرد و العكس فلا يهمنا التعرض المحدود الّذي ذكروه بل المهمّ به هو بيان حقيقة الأمر و ما يعتبر فيه من القيود بحسب العرف و اللّغة و ذلك يستدعي‌

بيان أمور

أحدها [الكلام في أن الأمر عرفا و لغة حقيقة في القول الدال على الطلب‌]

أنّ الأمر عرفا و لغة حقيقة في القول الدّال على الطّلب لا القول المجرّد و لا الطّلب الصّرف لا عن قول حسب ما مرّ سابقا فكلّ من القول و الطّلب معتبر في حقيقة الأمر أمّا اعتبار الطّلب فلأن القول المجرّد و هو الصّيغة و إن يطلق عليه الأمر في مصطلح النحاة إلا أنّ المقصود هنا بيان معناه العرفي المقابل للنّهي الّذي يأتي منه التصريف و الاشتقاقات مثل أمر و يأمر و آمر و مأمور و من الواضح أنّ الأمر بمعنى الصّيغة اسم لفظ كالماضي و المضارع و المستقبل لا يقبل التصريف و الاشتقاق إلا بإشراب المعنى الحدثي فيه و هو باتخاذ الطلّب قيدا له (فإن قلت) إنا نشاهدهم يجمعون الأمر بمعنى الصّيغة على الأوامر كما يكشف من ذلك مما عنونوا به البحث فإن مرادهم من لفظ الأوامر المصدّر به البحث صيغ الأوامر قلت إنّهم يرادون بها الصّيغ الدّالّة على الطّلب لا الصّيغ المجرّدة كما لا يخفى و أمّا اعتبار القول فمضافا إلى الإجماعات المحكية السّابقة فلأنّ الأمر باتفاق الكل من سنخ الكلام و من مقولة الأقوال فلو جعل للطّلب المطلق لزم خروجه عن سنخ الكلام مع أنّ صحّة سلب الأمر عن الطّلب الحاصل بالإشارة و الكتابة في العرف و اللّغة كصحّة سلب الصّدق و الكذب عنه مقتضاه اعتبار القول في حقيقته نعم لا بأس بإلحاق الإشارة و الكتابة باعتبار كونهما كاشفين و حاكمين عن الطّلب القولي و بهذا الاعتبار ربما يتصفان بالصدق و الكذب و سائر صفات الألفاظ و من غرائب ما في المقام ما صدر عن بعض الأعلام حيث تمسّك لإثبات مرامه و هو أنّ الأمر حقيقة في الطّلب المطلق بقوله تعالى‌ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ لإطلاق الأمر في هذه الآية على الطلب الّذي توجه على الخليل (عليه السلام) في ذبح إسماعيل (عليه السلام) مع أنّه بالإلهام أو المنام الخارجين عن سنخ الكلام و فيه (أوّلا) أنّ الجاهل بكيفية الإلهام و الوحي و منامات الأنبياء كيف يدعى أنّه خارج عن مقولة الكلام و القول (و ثانيا) سلّمنا ذلك إلا أن ما ذكره مبني على أن يكون قوله تعالى ما تؤمر مستعملا في الماضي و استعمال المضارع في الماضي و إن كان جائزا بل واقعا إلا أنّه قليل مع أنه لا وجه لحمله عليه مع إمكان إبقائه على حقيقته بأن يكون غرضه (عليه السلام) أنك لما تصير مأمورا بما رأيته في المنام بنزول الوحي و الإلهام فافعل ما تؤمر به و عليه فأطلق الأمر على ما سينزل به الوحي من الخطاب القولي لا على ما لهم به سابقا (و ثالثا) لو سلّمنا أن الأمر هنا أطلق على الطّلب الحاصل بالمنام لا يقتضي إطلاقه الطّلب الحاصل بغير القول لجواز استعمال الأمر على القول الدّال على الطّلب و لو سمع المخاطب ذلك الخطاب القولي بالمنام أيضا فإنّه أيضا قول دالّ على الطّلب و (رابعا) أنّ استعمال الأمر على مطلق الطّلب لا يقتضي كونه حقيقة فيه لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة و المجاز و منه يظهر أنّه لا وجه لما استدلّ به على أنّ الأمر حقيقة في مطلق الطّلب فتحصل ممّا ذكرنا أن كلاّ من القول و الطّلب مأخوذ في حقيقة الأمر عرفا و لغة فيكون كلّ منهما جزء الموضوع له و تمام الموضوع له هو القول الدّال على الطّلب أو الطّلب الحاصل بالقول كما صرّح به في التهذيب و القوانين فتدبّر

و ثانيها [الكلام في أنه هل يعتبر في حقيقة الأمر العلو أو الاستعلاء أو هما أو أحدهما أو لا يعتبر شي‌ء منهما]

أن المعتبر في حقيقة الأمر هل هو الاستعلاء أو العلوّ أو هما معا أو أحدهما من غير تعيين أو لا يعتبر شي‌ء منهما أوجه و أقوال (الأوّل) خيرة الأكثر بل ظاهر بعضهم دعوى الإجماع عليه (و الثّاني) معزى إلى جمهور المعتزلة و بعض الشافعية و غير واحد من الإمامية (و الثّالث) مال إليه في القوانين و حكاه عن جماعة من الأصوليين (و الرّابع) اختاره بعض المحققين من متأخري المتأخرين (و الخامس) محكي عن الأشاعرة و يعزى إلى ظاهر العضدي و البيضاوي و الأصفهاني و الأقوى عندي اعتبار العلوّ خاصّة و عدم كفاية الاستعلاء (لنا على الأوّل) أن المتبادر من قولك أمر فلان فلانا كون الأمر عاليا بالنّسبة إلى المأمور من غير انتقال إلى الاستعلاء و إظهار العلوّ من الآمر و لعدم صحّة سلب الأمر عن الطّلب الصّادر من العالي‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست