responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 246

و لذا عدّ من علائم الحقيقة (و ثانيها) أن مقتضى ذلك أن تكون القول المخصوص الّذي ينسبك منه معناه الحدثي و هو التكلم بالقول المخصوص مجازا و قد عرفت اتفاق الكلّ على أنه حقيقة (و ثالثها) أنّ اختلاف الجمع يكشف عن عدم اندراج القول تحت الشي‌ء فإن الأمر بمعنى القول المخصوص يجمع على الأوامر و بمعنى الشي‌ء يجمع على الأمور و لا يجمع أحدهما على ما يجمع عليه الآخر و توهم أن اختلاف الجمع إنّما هو باعتبار تعدد المصداق فاسد ضرورة إذ القول المخصوص مع إلقاء قيد الخصوصيّة لا يزيد مفاده عن نفس مفهوم الشي‌ء و الأمر بهذا المعنى يجمع على الأمور و مع ملاحظة الخصوصية فهو مجاز و المجاز لا يجمع إلا على ما يجمع عليه حقيقته و ذلك لأن المجاز بوضعه النوعي على نسق واحد و إنّما يختلف بالنّسبة إلى الموارد الشخصيّة و هي غير مضبوطة كما لا يخفى مع أنّ تغيير المعنى و تبديله بسبب مناسبة عارضة لا يوجب تغيير أوضاع الألفاظ المبنية كلّها على القياس و السّماع فالأسد المستعمل في الرّجل الشجاع لا يجمع إلا على ما يجمع عليه الأسد المستعمل في الحيوان المفترس و هو الأسد و الأسود و كذلك الأمر لو جعلناه حقيقة في مفهوم الشي‌ء و استعملناه في القول المخصوص مجازا منه يجمع على جمع حقيقته و هو الأمور (و الحاصل) أنّه لما كان جعل الأمر بمعنى الشي‌ء لا يلائم لجمعه على الأوامر في القول المخصوص سواء استعمل فيه على وجه الخصوصية أو لا لتعين القول بأن القول المخصوص خارج عن مفهوم الشّي‌ء غير مندرج تحته فيبطل من ذلك جعل الشي‌ء قدرا مشتركا جامعا بين القول المخصوص و غيره فتحصّل ممّا ذكرنا أنّه لو تغايرا جمعان يكشف منه أن مفردهما معنيان مستقلاّن بالاستعمال بل بالوضع أيضا كشفا قطعيّا فتغاير الجمع دليل الاشتراك اللّفظي و هذا حجّة على القائلين بأنّ الأمر حقيقة في القول المخصوص و مجاز في الباقي أيضا فإنّه لو كان الأمر بمعنى الشي‌ء مجازا من الأمر بمعنى القول المخصوص لكان الواجب أن يجمع على ما يجمع عليه حقيقته و هو الأوامر دون الأمور فتعدّد الجمع فيهما يكشف عن اشتراك لفظ الأمر بين ما يجمع على الأمور و ما يجمع على الأوامر و ربما ينضم إلى ذلك أن كثيرا ما ترى استعمال لفظ الأمر في المعاني المذكورة استعمالا شائعا سالما عن المنافرة الحاصلة في المجاز خاليا عن الحوادث اللاّزمة له من ملاحظة القرينة و العلاقة و نحوهما و ذلك من آثار كونه حقيقة فيهما على وجه الاشتراك اللّفظي هذا مع أن القول بكونه حقيقة في القول و مجازا فيما عداه لا يخلو إمّا أن يؤدّي إلى كونه مجازا بلا حقيقة أو يندرج تحت حكم متحد المعنى الّذي ذهب فيه الأصحاب إلى تبعية السّيد المرتضى (قدّس سرّه) في أنّ الاستعمال دليل على الحقيقة بل و لا خلاف معتدّ به في ذلك بينهم بيان ذلك أنّ القائل بكون الأمر حقيقة في القول المخصوص و مجازا في ما عداه حذرا من وقوعه في محذور المجاز بلا حقيقة لا بدّ أن يقول بأنّه مجاز من القول أو من حقيقة أخرى غيره و أنت خبير بأنه على الأوّل لا علاقة بينهما ظاهرة مصحّحة للتجوّز عرفا و على الثاني فأقصى ما لعلّه يتصوّر حقيقة مهجورة مجهولة و حيث كان المهجور كالمعدوم لا سيّما بعد الجهل به فيكون حينئذ في حكم متّحد المعنى و يجري فيه الأصل المذكور و هو أنّ الاستعمال دليل على الحقيقة و إنما ذكرنا مماشاة للخصم و إلاّ فإنا نقطع بعدم حقيقة أخرى لمادة الأمر و ممّا أعجبني ذكره في المقام ما حكي عن بعض الأعلام من دعواه تحقق العلاقة بين القول المخصوص و بين ما عداه و أنّها مشابهة صدورهما عن الفاعل و اندراجهما في الدلالة على تسديد أغراض الإنسان و هي كما ترى لا يسمن و لا يغني إذ المشابهة المعتبرة المصحّحة للتجوّز إنّما هي المشابهة الظّاهرة أعني المشابهة الحاصلة بينهما في أظهر الأوصاف و أشهرها ليكون قريبا إلى الانفهام بحيث يخطر ببال كل أحد بمحض ما سمع اللّفظ لا المشابهة الّتي لا يكاد يلتفت إليه أحد الأوحدين بعد الالتفات و إطلاقه و حينئذ فالقول بالحقيقة و المجاز هنا في غاية الضّعف كما أنّ توهّم ثبوت الاشتراك للتبادر و الاطّراد أيضا كذلك و ذلك لمنع جريانهما في المقام أمّا التبادر فلاختصاص حصوله بمتّحد المعنى فإنّ المراد منه إنّما هو سبق المعنى المقصود للمتكلّم من اللّفظ عند العالم بالوضع و حضوره إلى ذهنه و يكون ذلك دليلا إنيّا للجاهل بالوضع على الحقيقة و كاشفا قطعيّا له عن الوضع إذ لو جعلناه دليلا للعلم به‌

فمع أنّه لا يحتاج إلى إعمال هذه العلاقة يستلزم الدّور و لا تخلص لنا منه (و كيف كان) فالتبادر بهذا المعنى لا يكاد يتحقق في متعدّد المعنى ضرورة إذ المخاطب العالم بالوضع إذا سمع من المتكلّم لفظا له معان عديدة خاليا عن القرينة الدّالّة على إرادة أحدها فلا ينسبق إلى ذهنه شيئا منها بل و يتردّد في المراد من اللّفظ الّذي خوطب به بينهما بناء على عدم جواز استعمال اللّفظ في المعنيين لعدم دلالته حينئذ على أزيد من معنى واحد و إذا فتعدد الموضوع له في المشترك و استواؤها في نظر المخاطب العالم بالوضع مانع من انسباق أحدهما بخصوصه كما لا يخفى بل يتردّد بينهما و من هنا ظهر الوجه في عدم اعتبار المتبادر في المشترك بل و يظهر منه أنّ ترديد الذّهن من علائم الاشتراك كما سنشير إليه عن قريب إن شاء الله و إذا عرفت ذلك كلّه (فاعلم) أن من يتمسّك بالتبادر لإثبات الاشتراك هنا لا يخلو إمّا أن يدعى تبادر أحد المعنيين أو كليهما فعلى الأوّل إن أريد منه تبادر مفهوم أحدهما فمع فساده رأسا لا يثبت إلا الاشتراك المعنوي كما لا يخفى و هو خلاف‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست