و لأنّ التقليد خلاف الأصل، و حرام حتّى يثبت المخرج، سيّما تقليد من لم يقلّده.
و يمكن الجواب عن الكلّ بما مرّ من الأدلّة، مضافا إلى أنّه بعيد غاية البعد أن يكون المشهور في عصر الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و الأئمّة (عليهم السلام) و من بعدهم من الفقهاء الخبيرين الماهرين القريبين للعهد منهم يدرون [1] في المحلاّت و البيوت ليشهدوا عند كلّ واحد من المكلّفين، أو يطّلع على شهادتهم، بحيث يعرفهم بالعدالة و استجماع الشرائط المعتبرة لقبول الشهادة، سيّما و أكثرهم النّساء و السّفهاء و غيرهم ممّن لا يتيسّر ذلك الاطّلاع بالحيثية المذكورة منهم البتّة، لو لم نقل كلّهم إلاّ الفقهاء.
بل لا يخفى على المتأمّل كون ما ذكر من القطعيّات، يعنى قطع أنّه لم يكن كذلك، سيّما بملاحظة أنه أمر يعمّ به البلوى، و يشتدّ به الحاجة، و يكثر وقوعه في الأزمنة بحسب العادة، فلو كان الشّهود يدارون [2]، أو يطّلع على شهادتهم بالحيثيّة المذكورة، لكون ذلك لازما، لاشتهر اشتهار الشّمس، مع أنّ الأمر بالعكس- كما ظهر لك- و فتوى المتأخّرين و عملهم أيضا في الأعصار و الأمصار على ما عرفت. و اللّه يعلم.