responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 383

مستنبط العلة و قد أطبق أصحابنا على عدم حجيته إلاّ ابن الجنيد فإنّه قال بحجيته على ما حكي عنه في أوائل الأمر ثم رجع عنه و بطلانه في مثل زماننا يعدّ من ضروريّات المذهب عند المحصّلين و ما يرى من تمسك العلامة في بعض المسائل بالقياس فإمّا أن يريد بذلك الرّد على من خالفه من أهل الخلاف بطريق الإلزام أو تبينهم عليه أو يدّعي تنقيح المناط عنده أو يقصد به مجرد التقريب و دفع استبعاده الاحتجاج به حقيقة و من تشنّع عليه بذلك فقد جهل قدره أو تجاهل به و مثله الكلام فيما وقع في كتب الشهيدين من الاحتجاج به في بعض المسائل و الأخبار في حرمة العمل به مستفيضة بل قيل متواترة فمما روي من طرق العامة قوله (صلى اللَّه عليه و آله) تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب و برهة بالسّنة و برهة بالقياس فإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا و قوله (صلى اللَّه عليه و آله) ستفرق أمتي على بضع و سبعين فرقة أعظمهم فتنة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال و يحللون الحرام و أما الأخبار المروية من طرقنا فكثيرة و قد يتمسّك بالآيات الدالة على تحريم العمل بالظن خرج ما خرج بالدليل فيبقى القياس مندرجا في العموم لعدم دليل على خروجه و هذا الاحتجاج بالنسبة إلى مثل زماننا إنما يصحّ إذا قلنا بأنّ انسداد باب العلم إنما يوجب التعويل على الظن في الأدلة و لا ظن بحجّية القياس و أمّا إذا قلنا بأنه يوجب التعويل على الظن في الأحكام كما يراه بعض متأخري المتأخرين انقلب الأصل و احتيج في إخراج القياس إلى دليل و قد أشرنا إلى ما يوجب الخروج عنه على تقدير تسليمه من جهة قيام القاطع عليه و قد يستشكل في إخراج القياس عن الأصل المذكور بعد تسليمه بأنه يؤدّي إلى ورود التخصيص على الدليل العقلي و الأدلة العقلية لا تقبل التخصيص و دفعه واضح لأنّ انسداد باب العلم إنما يوجب جواز التعويل على الظنون التي لا دليل على عدم جواز التعويل عليها عند انسداد باب العلم لا مطلقا فالدليل الدال على عدم حجية القياس محقق للموضوع و كاشف عن عدم ثبوت الحكم له لا أنه مخصّص للعموم العقلي و هذا بمكان من الوضوح و الظهور و العجب من الفاضل المعاصر حيث استصعب دفع الشبهة المذكورة فتفصّى تارة بمنع إفادة القياس للظنّ ثم ردّه بأنه مكابرة و أخرى بأنا نثبت عدم حجية القياس بالأدلة القطعية أولا ثم نفتح باب الظن بالحجج القاضية به و قضية كلامه أنّ الإشكال يندفع بتقديم إثبات عدم حجية القياس على إثبات حجيّة الظن و هو ممّا لا يكاد يعقل له وجه أما أولا فلأنه لا ترتب بين المسألتين بحيث يتعين معه تقديم إحداهما على الأخرى في الإثبات و أمّا ثانيا فلأنّ ما تمسّكوا به على حجية الظنّ عند انسداد باب العلم إن دل على حجيته مطلقا و لو كان ممّا دلّ الدليل على عدم جواز التعويل عليه حال الانسداد لزم القول بحجية القياس أو تخصيص الدليل العقلي و لم ينفع تقديم إثبات عدم حجية القياس و إن اقتضى جواز التعويل على ما لا دليل على عدم حجيته منه أمكن إثبات عدم حجية القياس بعد إثباته و لا حاجة إلى التقديم و قد تقدّم بعض الكلام في ذلك في مبحث الأخبار احتج المخالفون بقوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار فإنّ الاعتبار مأخوذ من العبور و هو التجاوز و القياس تجاوز من حكم الأصل إلى فرعه و بخبر معاد حين أرسله النبي (صلى اللَّه عليه و آله) قاضيا إلى اليمن فقال له بم تحكم قال بما في كتاب اللّه قال (صلى اللَّه عليه و آله) فإن لم تجد قال فبما في السنة قال (صلى اللَّه عليه و آله) فإن لم تجد قال أجتهد برأيي فقال (صلى اللَّه عليه و آله) الحمد للّه الذي وفق رسول رسوله بما يحبّه اللّه و رسوله فإنّ الاجتهاد بالرأي إمّا هو الأخذ بالقياس أو يعمّه و قوله (صلى اللَّه عليه و آله) حين سئل عن قبلة الصّائم أ رأيت حين تمضمضت ماء ثم مججته أ كنت شاربه فقاس قبلة الصّائم بمضمضة الماء و الجامع كون كل منهما مقدمة للمطلوب المفطر من المباشرة و الشرب و قوله (صلى اللَّه عليه و آله) حين سألته جارية خثعميّة أن أباها أدركته فريضة الحج شيخا و هذا لا يستطيع أن يحج إن حججت عنه أ ينفعه أ رأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أ كان يجزي فقالت نعم فقال (صلى اللَّه عليه و آله) فدين اللّه أحقّ بالقضاء فقاس (صلى اللَّه عليه و آله) الحجّ بالدّين بجامع كونه حقا للغير

و الجواب أمّا عن الآية فبأن الاعتبار بمعنى الاتعاظ لأنّه المتبادر منه عرفا فكذلك لغة و شرعا لأصالة عدم النقل و لو أنه حقيقة في التجاوز فالمراد به هنا إنما هو الاتعاظ بقرينة السياق و التفريع إذ لا معنى لقولنا يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين فقيسوا النّبيذ بالخمر و الذرة بالبرّ و قد أجيب عن هذا بأنّ المراد بالاعتبار مطلق المجاوزة عن حال شي‌ء إلى حال مثله و هو متناول للاتعاظ الذي هو مجاوزة عن حال الغير إلى حال النفس و لغيره ممّا هو محل البحث و لا يخصّ بالثاني ليلزم المنافرة و فساد التفريع و فيه أن الأمر بطبيعة الاعتبار إنما يقتضي إيجادها في الجملة و لو في ضمن فرد واحد فإذا تحقق إرادة إيجادها في ضمن الاتعاظ تحقيقا للمناسبة بقي دلالته على وجوبه في غيره محتملا منفيا بأصل العدم و أمّا ما يقال من أن الأمر بالاعتبار للعموم بدليل صحة الاستثناء منه كأن يقال فاعتبروا إلاّ في الأمر الفلاني فضعفه ظاهر لأنّ مجرد صحة الاستثناء لا تنهض قرينة على العموم نعم وقوعه في الكلام ينهض قرينة عليه لكن انتفاؤه في المقام معلوم و أمّا عن الرّواية الأولى فبأنّها مرويّة بطريق آخر أيضا و هو أنّه لما قال معاذ أجتهد برأيي قال (صلى اللَّه عليه و آله) لا بل ابعث إليّ أبعث إليك فيدل على نقيض المدعى على أن الاجتهاد عبارة عن استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بالحكم الشرعي بدليل شرعي فلا يتناول القياس إلا على تقدير ثبوت كونه دليلا شرعيّا فلو ثبت كونه دليلا شرعيّا بذلك كان دورا فتأمل و أمّا عن الرّوايتين الأخيرتين فبأن الغرض من القياس المذكور فيهما تقريب الحكم إلى‌

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست