responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 347

الاعتبار إلى الأحكام الخمسة كذلك ينقسم باعتبار آخر إلى حكم واقعي و حكم ظاهري و ينقسم بكل من الاعتبارين إلى الأحكام الخمسة و الظاهر أنّ النزاع هنا في مطلق الحظر و الإباحة سواء كانا واقعيّين أو ظاهريين ليعم القول بالتصويب أيضا و خصهما بعضهم بالظاهريّين معللا بأنه لا يمكن نفي الاحتمال العقلي رأسا بمعنى أن ليس في الفعل واقعا جهة حسن أو جهة قبح لا سيّما بعد ملاحظة ما ورد في الشرع من تحريم بعض المنافع الخالية عن المضرة كالغناء و شرب الفقاع الغير المسكر و هذا التعليل كما ترى إنما يتجه على قول المخطئة و الأولى ما ذكرناه و زعم بعض المعاصرين أنّ النزاع هنا في الإباحة و الحظر الواقعيين مع تحريره لمحلّه في الأشياء الغير الضروريّة المشتملة على المنفعة و رد التعليل المذكور بأنه إشكال سار في جميع المطالب المستدل عليها يعني أنّ ظهور خلاف الحكم الذي دل عليه العقل أحيانا لا ينافي قطع العقل بالواقع قبل ظهور الخلاف كما في كل جهل مركب ينكشف خلافه و فيه أن غرض المعلل منع حصول القطع بالواقع إذ لا مسدّ لباب الاحتمال و وضوح تطرق تجويز المخالفة للواقع إليه كيف لا و موضع النزاع في كلامهم ما لا يدرك العقل حسنه و قبحه و أمّا الاستشهاد بظهور الخلاف في الغناء و الفقاع فتأييد للمدعي كما يشهد به مساق كلامه و ليس الغرض منه الاستدلال به ليدفع بأن ظهور الخلاف أحيانا لا ينافي حصول القطع بالواقع كما في سائر المطالب القطعية ثم أقول على ما نزل عليه مقالة المبيح و الحاظر من إرادة الحكم الواقعي قد تبين الغير المصوّب منها بعد ملاحظة الشرع فساد كل من المقالتين فكان اللازم لهم ترك النزاع و إلا لعاد محصّله إلى أن أي الجهلين المركبين يلحق الفعل قبل ملاحظة الشرع و هو لا يشبه بنزاع أهل العلم ثم قال نعم قد يتضح هذا الإشكال إذا استدل بمثل كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي قال و يمكن أن يقال فيه أيضا أنه مباح واقعا لمن لم يطلع على النهي و حرام واقعا على من اطلع عليه لا أنه لغير المطلع مباح ظاهرا و حرام واقعا و أحال الأمر في ذلك إلى ما تبيّن في مسألة الواجب المشروط بالنسبة إلى الواجد للشرط و الفاقد له أقول و ضعف هذا التأويل في الرّواية مما لا يكاد يخفى على ما قررناه سابقا و قد اعترف هو أيضا بفساده عند رد من احتج بها على نفي الملازمة بين العقل و الشرع مستشهدا عليه بأن جعل الحكم مغيّا بغاية كما تقتضيه كلمة حتى ينافي كون الحكم واقعيّا فلا وجه للتشبّث به في المقام ثم قد تقرر في مبحث الواجب المشروط أن وجوبه مقيد في حق الفاقد للشرط و مطلق في حق الواجد له فيمكن التعلق به في المقام بعد تقريبه بنوع من التوجيه كأن يقال لا ريب في أنّ التكاليف بأسرها ظاهريّة كانت أو واقعية مشروطة بعلم المكلف لئلا يلزم التكليف بما لا يطاق فحيث لا علم لا تكليف حقيقة لا ظاهرا و لا واقعا فبطل دعوى أنه لغير المطلع على النهي مباح ظاهر أو حرام واقعا لأن الحرمة تكليف ظاهرية كانت أو واقعية فثبوتها بدون العلم يؤدي إلى ثبوت المشروط بدون شرطه و هو محال و هذا غاية توجيه الحوالة إلى المبحث المذكور و أنت خبير بأنّ منشأ هذه الكلمات عدم تحقق معنى الحكم الواقعي و الحكم الظاهري و قد نبّهنا عليه سابقا و سننبّه عليه فيما سيأتي و نقول هنا تأكيدا و توضيحا أنا لا نريد بالحكم الواقعي لا الحكم الذي يشترط في تعلقه بالمكلف علمه به فلا يكون عند عدم الشرط إلاّ حكما شأنيا و قد اصطلحوا على تسميته حكما واقعيا و لا ريب أنه غير مشروط بالعلم و إنما المشروط به فعليته و يعبّر عنه بالحكم الظاهري و بهذا يظهر الفرق بين القول بالتّصويب و القول بالتخطئة فإنهم بعد أن اطبقوا على ثبوت الحكم الفعلي تشاجروا في ثبوت الحكم الشأني بالمعنى الذي ذكرناه ثم لو تم ما ذكره في الرواية لثبت القول بالتصويب و لو في المباح و هو خطاء كما سنحقّقه في محله و أمّا ما يقال من أن حمل الإباحة و الحرمة على الظاهريين يؤدي إلى تسبيع الأحكام فإن أراد تسبيع الأحكام الواقعية أو الظاهرية فظاهر عدم لزومه و إن أراد تسبيع مطلق الأحكام فلا إشكال في التزامه بل التحقيق تعشيرها كما نبّهنا عليه ثم الفرق بين هذه المسألة و مسألة أصل الإباحة الآتية هو أن البحث هنا مقصور على دلالة العقل و البحث هناك مبني على ملاحظة الشرع أيضا و من هنا يظهر

ضعف ما ذكره المعاصر المذكور من التمسّك في المقام برواية كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي فإنّ فيه خروجا عن محل البحث إذا تقرر هذا فالحقّ عندي هو القول بالإباحة الظاهرية سواء اشتمل الفعل على منفعة أو لا و خصّه جماعة من موافقينا بالنّوع الأول و تبعهم في ذلك الفاضل المعاصر مع حمله الإباحة على الإباحة الواقعيّة لنا أن ضرورة العقل قاضية بالإباحة في الظاهر عند عدم ما يدل على خلافها من غير فرق بين ما يشتمل على منفعة و ما لا يشتمل عليها لظهور أنّ التكليف بأقسامه الأربعة مشروط بالعلم و البيان عقلا و عادة و إذ ليس فليس و لا يغني بالإباحة إلا ذلك و احتج موافقونا بأنّ الحكمة في خلق العبد و ما ينتفع به إباحته له ليترتب عليه ما هو المقصود من خلقه و إلا لكان خلقه عبثا و هو محال و أورد عليه تارة بالمعارضة بأنه تصرف في مال الغير فيحرم و هذه المعارضة مردودة بما سيأتي و أخرى بالحل و هو أنه لا يلزم من عدم الإباحة وقوع العبث لجواز أن يكون المقصود من خلقه على تقديره اصطباره عنه عند تشهيه لثياب عليه مع أن ثمرة خلقه لا ينحصر في ارتفاعه به بطريق الأكل و لا يستلزم عموم الانتفاع كما أن الأمر في كثير من المحرّمات كذلك و احتج الفاضل المعاصر على ما اختاره من الإباحة الواقعية بأنها منفعة خالية عن أمارات المفسدة و الإذن منه تعالى في التصرف معلوم عقلا لأن ما يتصور مانعا هو التضرّر و هو منتف قطعا فيكون حسنا و احتمال حصول المفسدة في الواقع‌

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست