responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 313

في النقل الذي أسلفناه فإنّ الظاهر من الذي نسب إليه النقل هو صاحب الرّجال المعروف و لو كان هو العاثر عليه لنبه عليه في بعض كتبه أو نبه عليه بعض علماء الذين عاصروه أو تأخروا عنه و أمّا ما ذكره البعض في محمّد بن أحمد من أنه صاحب كتاب الرضا (عليه السلام) فلا دلالة فيه على أن إجازة هذا الكتاب منتهية إليه لجواز أن يكون المراد به بعض رسائله (عليه السلام) مما رواها الصّدوق في العيون و لو سلّم أنّ المراد به الكتاب المذكور فلا دلالة في كونه صاحبه على أنه كان يرويه بطريق معتبر لجواز أن يكون واجدا له أو راويا بطريق غير معتبر و لا يبعد أن يكون الكتاب المذكور من تصانيف بعض أصحاب الرضا (عليه السلام) قد أكثر فيه من نقل الأخبار التي سمعها منه (عليه السلام) بواسطة و بدونها كما يستفاد من قوله روي عن العالم و أروي عن العالم بناء على أن يكون المراد بالعالم هو الرّضا (عليه السلام) و يصحّ نسبة الكتاب إليه (عليه السلام) نظرا إلى أنّ الغالب حكاية كلامه إذ لا يلزم في النسبة أن يكون أصل النسخة بخطه (عليه السلام) و ربّما نسب إلى الصّدوق و هو بعيد مع احتمال أن يكون موضوعا و لا يقدح فيه موافقة أكثر أحكامه للمذهب إذ قد يتعلق قصد الواضع بدس القليل بل هذا أقرب إلى حصول مطلوبه لكونه أقرب إلى القبول و بالجملة فالتحقيق أنه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه نعم ما فيه من الرّوايات فهي حينئذ بحكم الرّوايات المرسلة لا يجوز التعويل على شي‌ء ممّا اشتمل عليه إلا بعد الانجبار بما يصلح جابرا لها و لو استظهرنا اعتماد مثل المفيد و الصّدوقين عليه في جملة من مواضعه فذلك لا يفيد حجيته في حقنا لأنه مبنيّ على نظرهم و اجتهادهم و ليس وظيفتنا في مثل ذلك اتباعهم و إلا لكانت الأخبار الضّعيفة التي عولوا عليها حجة في حقنا فإن ظننا بتعويلهم على جملة من روايات كتاب إذا أفاد حجيته مجموع الكتاب في حقنا لكان علمنا بتعويلهم على رواية معينة مفيدا لحجيتها في حقنا بطريق أولى‌

القول في الفعل و التقرير

فصل اختلفوا في التأسّي بفعل النبيّ (صلى اللَّه عليه و آله)

فذهبوا فيه إلى مذاهب فقيل بالوجوب و قيل بالاستحباب و قيل بالإباحة و قيل بالوقف و موضع النزاع ما لو فعل في غير مقام البيان و لم يعلم وجهه و لم يكن في نفسه من الأفعال العادية كالأكل و الشرب و النوم أو كان و لكن أوقعه على وجه غير عادي كمداومة الإفطار بالحلو و القيلولة و المختار عندي هو القول بالاستحباب لنا قوله تعالى لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر فإن المستفاد منه حسن التأسّي و الاقتداء بأفعاله (صلى اللَّه عليه و آله) و هو يفيد الرجحان المشترك بين الوجوب و الاستحباب و لا سبيل إلى حمله على الوجوب و إن قلنا بأنه الظاهر من إطلاق الطلب لأنّ أكثر أفعاله (صلى اللَّه عليه و آله) مندوبة في حق الكلّ و بعض ما وجب عليه مندوب في حقنا فلا يتصوّر وجوب الاقتداء فيها و تخصيصه بما ثبت عدم وجوبه موجب للتخصيص بالأكثر و هو أبعد من حمل الأمر على الاستحباب و حمله على خصوص الأفعال الواجبة في حقه مع التخصيص بالبعض أو في حقنا بعيد عن مساق الآية فتنزيل الطلب المستفاد منه على مطلق الرّجحان أولى و يمكن الاستدلال أيضا بالاحتياط و بأن شأنه (صلى اللَّه عليه و آله) يتعالى عن ارتكاب غير الراجح بل قد يحكى عن بعض الصّلحاء تورعه بعد الاستكمال عن ارتكاب غير الواجب و المندوب و النبي (صلى اللَّه عليه و آله) أولى بذلك منه في جملة عمره و يشكل هذا بأن كون فعله الخاص راجحا لا يوجب أن يكون راجحا لنفسه أو لغيره اللازم ترتبه عليه ليترجح التأسّي به مطلقا لجواز أن يكون راجحا لغيره المترتب عليه في خصوص مقام الفعل و إن لم نطلع عليه مع أنّ خلاف الأولى بل المكروه ممّا يجوز صدوره عن الأنبياء على وجه النّدرة كما يدل عليه قصّة آدم و موسى و يونس و داود فصدور المباح أولى فيتسرى الاحتمال إلى نبيّنا (صلى اللَّه عليه و آله) مع مساعدة ظاهر آيتي العفو عنه في الإذن و المغفرة لما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر عليه و يمكن دفع الثاني بعد تسليمه بما مرّ من مراعاة الغالب إلا أنه لا دليل على حجيته في مثل المقام احتج القائلون بالوجوب بوجوه منها الآية السّابقة و قد عرفت عدم دلالتها على الوجوب بالبيان الذي سلف و قد أجاب عنها العلامة بأن الأسوة عبارة عن الإتيان بفعل الغير لأنه فعله على الوجه الذي فعله فإن كان واجبا تعبّدنا بإيقاعه واجبا و إن كان مندوبا تعبدنا بإيقاعه مندوبا و إن كان مباحا تعبدنا باعتقاد إباحته و فيه أنه إذا أتى به على وجه الإباحة لم يكف في صدق الأسوة فيه اعتقاد إباحته مع تركه كما يرشد إليه تفسيره لها فإنّ ذلك أسوة في الاعتقاد لا في الفعل و من هنا يظهر أنّ ظاهر الآية نفي وقوع ما عدا الواجب و المندوب منه (صلى اللَّه عليه و آله) إذ مفاد الأمر رجحان المتابعة و لا يعقل رجحان المباح و المكروه إلا أن يدعى أن جهة المتابعة مفيدة لرجحانه في حقنا و إن تجرّد عنه حين صدوره منه (صلى اللَّه عليه و آله) و هو بعيد أو يقال فعل المباح بنية كونه مباحا راجح لما فيه من إظهار الانقياد و التمسّك بشعائر العبوديّة و يدل عليه ظاهر قوله (عليه السلام) إنّ اللّه أحبّ أن يؤخذ برخصه كما أحبّ أن يؤخذ بعزائمه بتنزيله على الأخذ برخصه لكونها رخصة لئلا ينافي ثبوت المباح أو رجحان ما أحبّه تعالى فلا ينافي الآية فعله (صلى اللَّه عليه و آله) للمباح بهذا الاعتبار لكونه حينئذ راجحا لكنه لا ينافي الحصر المدعى و التحقيق أنّ الأسوة عبارة عن مجرّد المتابعة فإذا فعل (صلى اللَّه عليه و آله) فعلا و لم يعلم وجهه و تابعناه فيه بقصد القربة المطلقة كان ذلك تأسّيا به لأنه إن كان فعله بقصد القربة المطلقة أيضا فلا كلام و إن كان فعله بنية الوجوب أو الندب لم يقدح في صدق التأسّي قصدنا فيه القربة المطلقة لما بيّناه في محله من أنّ نية الوجه غير معتبرة و إن كان على وجه الإباحة مثلا بناء على جواز صدور المباح منه (صلى اللَّه عليه و آله) فإن قلنا برجحان التّأسّي فيه أيضا كما هو قضية الوجه الأول من الوجهين المتقدمين أيضا فلا إشكال و لا عبرة بكون الرجحان حينئذ من حيث كونه تأسّيا خاصّة لا من حيث نفس الفعل أيضا كما في الأولين إذ تعيين هذه الجهات غير لازم في صحة العمل بل القدر اللازم المتابعة بقصد القربة و إلا كان عموم‌

رجحان التأسّي مخصوصا به‌

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست