responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 26

في المشبّه ضرورة أن المراد بقولنا أسد يرمي إنما هو الرّجل الشجاع لا غير فيكون مجازا لغويّا

[هل يشترط في الاستعارة حذف المشبه بالكلية؟]

و خالف في ذلك شرذمة فجعلوها مجازا عقليّا بمعنى أنّ التّصرف في أمر عقليّ و احتجّوا بأنّها لم تطلق على المشبّه إلاّ بعد ادّعاء أنه من جنس المشبّه به فهي مستعملة فيما وضعت له فتكون حقيقة لغويّة و أجيب عن هذه الحجّة بأن دعوى دخول المشبّه في جنس المشبّه به لا توجب دخوله فيه حقيقة فلا تكون مستعملة فيما وضعت له حقيقة فلا تكون حقيقة أقول و التحقيق أنه إن أطلق الأسد و أريد به الرّجل الشجاع أو زيد مثلا و ادعي أنّه الأسد اتجه مقالة الجمهور لظهور أنّ دعوى كونه أسدا لا يجعله أسدا و لفظ الأسد موضوع للأسد الحقيقي لا الادّعائي و إن أطلق و أريد به معناه الحقيقي أعني طبيعة السّبعيّة و قيّدت بخصوصيّة الرّجل الشجاع أو زيد مثلا بدلالة القرينة لدعوى حصولها و تحقّقها في ضمنه على حدّ تقييدها بخصوصيّة الفردية عند إرادتها في ضمن الفرد الحقيقي اتّجه مقالة البعض من أن لفظ الأسد مستعمل فيما وضع له غاية الأمر أن يكون وجودها في ضمن ذلك الفرد مبنيّا على مجرد الدّعوى و ذلك لا يوجب التجوّز في لفظ الأسد لأنه موضوع للماهيّة من حيث هي نعم يوجبه في التنوين حيث تكون للتنكير لأنها حينئذ موضوعة لتقيد مدخولها بأفرادها الواقعيّة على البدلية لا الادّعائية و لو أعمل هذا التصرّف في تمام مدلول النكرة لم يوجب التجوّز في التنوين أيضا و لا خفاء في صحة الاستعمال على الوجهين و به يسقط كلية الدّعوى في كلام الفريقين هذا إذا أطلق لفظ المشبّه به على المشبّه و أمّا إذا حمل عليه كما في قولك زيد أسدا و علمته أسدا أو نحو ذلك فالأكثر على أنه تشبيه بليغ أمّا كونه تشبيها فلاشتماله على ذكر المشبّه و قد اشترطوا في الاستعارة أن يطوي ذكره بالكلية بحيث لا يكون في الكلام لا لفظا و لا تقديرا و أمّا كونه بليغا فلحذف ركني التشبيه منه أعني الوجه و الأداة فيقرب من الاستعارة و يلوح من دلائل الإعجاز الفرق بين ما يضعف فيه تقدير أداة التّشبيه كالمثال المذكور أو يمتنع كقوله أسد، دم الأسد الهزبر خضابه و بين غيره كقولك زيد الأسد فجعل الأول استعارة و الثّاني تشبيها و اختار التفتازاني أنّ الأسد في المثال المذكور استعارة لأنّه مستعمل في الرّجل الشجاع و المعنى زيد رجل شجاع كالأسد و احتج على ذلك بأنه كثيرا ما يتعلّق به حرف الجرّ كما في قوله أسد عليّ و في الحروب نعامة و المعنى مجترئ عليّ إذ لا يتعلق حرف الجر باسم الذات و اعترض عليه بأنه يجوز أن يكون أسد مستعملا في معناه الحقيقي و يتعلق به حرف الجرّ لما لوحظ فيه من معنى الوصفيّة كما لو جعل استعارة عن الرّجل الشجاع فإنّ الشجاع قيد خارج عن معنى اللفظ كما اعترف به في مقام آخر فلا يكون في تعلق حرف الجرّ به دليل على كونه استعارة و لو جعل بمعنى الشجاع لم يكن استعارة بل مجازا مرسلا من إطلاق الملزوم على الّلازم هذا و التحقيق أنه إن كان زيد في المثال المذكور هو المشبّه فهذا مع بعده يتعيّن الحمل فيه على التشبيه لئلاّ يكون الكلام من قبيل قولنا زيد زيد فإنّ هذا المعنى غير مفهوم منه قطعا و أمّا ما علّلوا به من أن شرط الاستعارة حذف المشبّه من الكلام بالكلية فليس بشي‌ء لأنه منقوض بمثل قولك صادفت الأسد زيدا إذا أردت بالأسد زيدا بعلاقة الشجاعة و جعلت زيدا بيانا له فإنه حينئذ استعارة لا غير مع أن المشبّه مذكور و كذلك الخيط الأبيض في قوله تعالى حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فإنّ التحقيق أنّ الخيط الأبيض استعارة للفجر أو للشي‌ء الأبيض المستطيل و لفظ من الفجر بيان له و قرينة على الاستعارة و الحمل على التشبيه كما فعلوه بعيد لأنه يستدعي تكلفا لا حاجة إليه حتى إنهم حملوا الخيط الأسود أيضا على التشبيه لأن بيان المشبّه في الخيط الأبيض بالفجر يرشد إلى بيان المشبّه في الخيط الأسود بسواد آخر اللّيل فيكون المشبّه فيه مقدّرا و إن لم يكن هو المشبّه جاز الحمل على التشبيه بتقدير سائر أركانه و الاستعارة بحمل الأسد على معنى رجل شجاع و يجوز الحمل على الحقيقة بالتّأويل في الإسناد لإجرائه على غير من هو له حقيقة و أوّل الوجوه أبعدها و هو على بعده يتطرق في كثير من أقسام الاستعارة و الأخير أقرب سيّما بالنسبة إلى المواضع التي يقصد فيها المبالغة و ما قيل في دفعه من أنّ حمل الأسد على معناه الحقيقي ينافي حمله على زيد فضعيف لأنّ ذلك إنما ينافي الحمل بحسب الحقيقة لا بحسب الدعوى‌

إذ دعوى أنّ زيدا قد بلغ في الشجاعة إلى أن صار من أفراد الأسد الحقيقي ممّا لا غبار عليه و أمّا المعنى الثاني فغير بعيد في نفسه و إن كان بعيدا عن مقام المبالغة

[هل الاستعارة مبنية على دخول المشبه في جنس المشبه به أو لا؟]

ثمّ اعلم أنّ محققي علم البيان زعموا أن مبنى الاستعارة على دعوى دخول المشبّه في جنس المشبّه به فمنعوا الاستعارة في الأعلام الشخصيّة لأن العلميّة تنافي الجنسيّة إلاّ أن يشتمل على نوع وصفيّة كحاتم و وجّه التفتازاني بما حاصله أنّ المستعير يتأول في وضع اللفظ فيجعله كأنه موضوع للمعنى الأعمّ مثلا يجعل لفظ الأسد كأنّه موضوع للشجاع و يجعل حاتم كأنه موضوع للجواد و بهذا التأويل يتناول الفرد المتعارف الذي هو الحيوان المخصوص و الرّجل المعروف من قبيلة طيّ و الفرد الغير المتعارف الذي هو الرّجل الجواد لكن استعماله في الفرد الغير المتعارف استعمال له في غير ما وضع له فيكون استعارة هذا محصّل كلامه و يؤيّده من كلامهم ما ذكروه في تقسيم الاستعارة من أنّها إن كانت اسم جنس فأصلية و إلاّ فتبعيّة فإنّ الاستعارة في العلم أصلية قطعا فيتعيّن أن يكون اسم جنس و لا يتمّ إلاّ بالتّأويل المذكور لكن يشكل هذا بأنّهم عرّفوا اسم الجنس بما دل على ذات كليّة لا باعتبار صفة فلا يدخل فيه العلم قبل التأويل لعدم الكلية و لا بعده لاعتبار الصّفة فيه هذا و نحن نقول إن أرادوا أنّ الاستعارة تختصّ باستعمال لفظ المشبّه به في المشبّه على‌

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست