responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 194

و ما كان لي عليكم من سلطان و يراد بالسلطان في الآية السابقة الغلبة عليهم بالتسويل و الوسوسة و الإغواء مع بقاء القدرة و الاختيار و ليس المراد بعبادي إلا بنو آدم بشهادة سوق الآية عليه مع تصريح المفسّرين به و اعترض بعض المعاصرين أيضا بأن ظاهر العام أعني عبادي لما كان متناولا لأصناف كثيرة فإخراج صنف واحد منهم هم الغاوون و إن كثرت أفراده لا يستلزم كون الأصناف الباقية أقل أ لا ترى أنه إذا كان هناك جماعة من العلماء و الشعراء و الظرفاء فأضفتهم و كان عدد الظرفاء أكثر من الباقين فإذا قيل جاء الأصناف إلا الظرفاء أمكن تصحيحه بما ذكر لأنّ الباقي حينئذ أكثر و أما لو قيل جاء الأصناف إلا زيدا و عمراً و بكرا و خالدا إلى آخر الظرفاء عد قبيحا هذا محصّل كلامه و جوابه أن الجمع المضاف بظاهره إنما تقتضي العموم بحسب الأفراد فلا يعم الأصناف من حيث كونها أصنافا و إن تناولها من حيث تناوله للأفراد فحمله على العموم من حيث الأصناف خروج عن الظاهر من غير شاهد فلا يعبأ به و أمّا التمسّك بصحة جاء الأصناف إلا الظرفاء كما في بعض النسخ فليس بشي‌ء لأن لفظ الأصناف إنما يعم الأفراد من حيث الصنفيّة و الظرفاء من حيث كونهم صنفا ليسوا بأكثر من الباقي و إن كانوا من حيث الأفراد أكثر و في بعض النسخ جاء الأصناف إلا الظرفاء و يتوجه عليه ما مرّ من أنّ عموم الجمع المعرف أفرادي لا أصنافي فاستثناء الظرفاء منهم استثناء للأكثر و أمّا ما ادّعاه من قبح ذلك عند قوله إلا زيدا و عمراً إلى آخر الظرفاء فإنما يسلم منه القبح بمعنى الاستبشاع لا لما ذكره بل لاشتماله على التطويل من غير فائدة لا القبح بمعنى الغلط على ما عرفت و مع ذلك فاللازم لمقالته أن يصحّ ذلك لا سيّما إذا وصفهم بعد ذلك بكونهم الظرفاء حيث إنّ المخرج حينئذ صنف من الأصناف و الباقي أكثر منه إذ لا فرق بينه و بين القسم السّابق إلاّ في كيفية التعبير حيث إن المستثنى مذكور هناك على وجه الإجمال و هنا على وجه التفصيل و منها ما ذكره العضدي من القطع بصحة قول القائل كلكم جائع إلا من أطعمته و إن كان الباقي أقل و اعترض عليه بأن هذا قطع في محل النزاع فيتجه المنع عليه و ردّ بأنّ هذه العبارة واردة في الحديث القدسي فلا سبيل إلى منع صحتها و اعترض عليه المعاصر المذكور أيضا بأنه يجوز أن يكون المعنى لا يقدر على الإطعام إلا أنا فكلكم يبقى على صفة الجوع لو أراد الإطعام من غيري قال و هذا معنى واضح على من كان له ذوق سليم فلا دلالة فيه على دعواهم و لا يخفى أنّ هذا التوجيه مما لا يساعد عليه ذوق سليم لبعده عن مساق الحديث مع ما يلزمه من ارتكاب تخصيصه بالأكثر أيضا لأن أكثر النّاس يريدون الإطعام من غيره تعالى و لا يبقون على صفة الجوع و منها إطباق العلماء على أنّ من قال له على عشرة إلا تسعة لم يلزم إلا بواحد و ذلك دليل على صحته و لو ألغوه لألزموه بتمام العشرة كما في الاستثناء المستوعب و الظاهر أنّ الاتفاق فيه غير ثابت لنقل البعض عن بعضهم القول بإلزامه بتمام العشرة و اعترض المعاصر المذكور على هذا الدليل بأن اتفاقهم على إلزام الواحد لا يدل على اتفاقهم على صحّة الاستثناء لجواز أن لا يقول بعضهم بصحته و يقول بإلزام الواحد نظرا إلى أن الأفراد عنده عبارة عمّا يفهم منه اشتغال الذمة بعنوان النّصوصية و لو بلفظ مجازيّ أو غلط تعويلا على أصالة البراءة كما لو رفع تسعة فإنه لا يحكم عليه أيضا إلا بالواحد و إن كان الاستعمال غلطا و هذا بخلاف الاستثناء المستوعب فإنه لغو محض فيأخذ بأول الكلام هذا محصّل كلامه و يمكن أن يقال عليه بالفرق بين أن يكون الاستثناء غلطا و بين أن يكون إعراب المستثنى غلطا فإنه على الأوّل يتعيّن إلغاؤه كالاستثناء المستوعب و كما لو أبدل همزتهما أو لامها بحرف آخر من غير مانع أو عبّر عن المستثنى بلفظ غلط كما لو أبدل دال الدرهم بحرف آخر لتساوى الكل في كونها غلطا و على الثاني يمكن القبول نظرا إلى أنّ الإخراج يتحقق بالأداة و المستثنى و ليس صحة استعمالهما منوطة بصحة الإعراب مع أنّ بعض الأصحاب كالشهيدين منع من القبول فيه و له وجه و بأنّ التفرقة بين الاستثناء المستوعب و بين المثال المذكور على تقدير كونه غلطا في محل المنع فإن كون المستوعب لغوا محضا إما لأنّ نفس الاستثناء غلط أو لاستلزامه إلغاء ما

قبله حيث يراد منه ما لا يصح إرادته منه و كلا الوجهين جاريان في المثال المذكور فالاستثناء فيه أيضا لغو محض بالاعتبارين فكما يؤخذ بمؤدى الثاني من كونه إقرارا بواحد مع كونه غلطا فيؤخذ أيضا بمؤدى الأول من عدم اشتغال ذمته بشي‌ء و إن كان غلطا فإنّ معنى له علي عشرة إلا عشرة أن ليس له علي شي‌ء و إن كان استعمالا على خلاف القانون و جريان أصالة البراءة هنا أولى نعم يتجه أن يقال لما كان صحة الكلام المذكور خلافية كان الظاهر من حال المستعمل البناء على الصحّة اجتهادا أو تقليدا تنزيلا لكلام العقلاء على الوجه الصحيح بقدر الإمكان فكما لو أقرّ به من يعرف من مذهبه الصحة لم نلزمه بما زاد على الواحد قطعا و إن منعنا جوازه فكذلك من جهل حاله في الاستعمال و أمّا من علم من مذهبه المنع فلا يبعد إلزامه بتمام العشرة حجة الخصم وجوه منها ما ذكره المعاصر المذكور و حاصله أنّ الاستثناء موضوع بالوضع النوعي للإخراج و الأوضاع النوعيّة إنما تستفاد بالتتبّع في كلمات أهل الاستعمال و القدر الثابت بالتتبّع فيها كون الاستثناء موضوعا لإخراج الأقلّ و أما كونه موضوعا لمطلق الإخراج فغير ثابت فيتوقف ثبوته على قيام دليل عليه و مجرد استعماله في إخراج الأكثر في بعض الموارد لا يدل على كونه حقيقة فيه فإنّ الاستعمال أعمّ منها فيجوز أن يكون ذلك لعلاقة المشابهة أو ادّعاء القلة مبالغة في التحقير أو نحو ذلك و لا يبعد أن يدعى التبادر فيما لو كان المخرج أقل فيكون حقيقة فيه فقط فإنّ أهل العرف يعدّون مثل قول القائل له علي مائة إلا تسعة و تسعين مستهجنا

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست