responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 187

هذا إذا عرفت ما حققناه فالمختار عندي ما ذهب إليه الأكثرون من اعتبار بقاء جمع يقرب من مدلول العام لكن لا مطلقا بل من حيث يكون الاستعمال بعلاقة العموم و الخصوص و أما إذا استعمل بغير هذه العلاقة كالجمع المعرف و الموصولات إذا جرّدت عن اعتبار التعيين الحقيقي فيها بناء على ما حققناه من أنّ التعيين معتبر في معانيها جاز تخصيص الجمع منها إلى ثلاثة و المفرد إلى الواحد و كذا إذا كان المقصود به المبالغة أو التعظيم أو نحو ذلك جاز التخصيص إلى الواحد و كان هذه الصّور خارجة عن محل النزاع كما يشعر به تمثيلهم و قد نصّ عليه بعضهم في التعظيم و يؤيده اعتراف كل من الفريقين به فيما سيأتي لنا أن العلاقة المذكورة إنما تعتبر حيث يساعد عليها الطّبع كما مرّ تحقيقه في أوائل الكتاب و هذا بحكم الاستقراء إنما يتحقق بين المجموع و ما يقاربه دون مطلق الأبعاض و إلى هذا يرجع ما استدل به الأكثر من القطع بقبح قول القائل أكلت كل رمّانة في البستان و فيه آلاف و قد أكل واحدة أو اثنين و قوله كل من جاءك فأكرمه و فسره بزيد أو هو مع عمرو و بكر و نحو ذلك و لا كذلك إذا فسره بجمع يقرب من مدلول العام فإنّهم أرادوا بالقبح فيه ما يساوق الغلط كما هو الظاهر من إطلاقه في مثل المقام لا مجرّد الاستبشاع و خروج اللفظ عن حدّ الفصاحة فإنه لا ينافي الجواز و أمّا ما استدل به بعض المعاصرين من أنّ جواز الاستعمال توقيفي و القدر الثابت منه في المقام ما ذكرناه و يكفي في نفي ما عداه عدم قيام دليل على جوازه فليس على ما ينبغي لأنّه إنما يقتضي التوقف في الجواز لا نفيه واقعا حتى إنه لو فرض أنّ رواية اشتملت عليه فليس له ترك العمل بمؤدّاها لأنّ عدم العلم بالجواز لا ينافي الجواز احتج من قال بجواز التخصيص إلى اثنين أو ثلاثة بما قيل في الجمع من أنّ أقله اثنان أو ثلاثة ففرعوه على كون الجمع حقيقة في أحد الأمرين و أجيب بأنّ الكلام في أقلّ مراتب التخصيص لغة لا في أقل مراتب الجمع فإن الجمع ليس بعامّ و لا دليل على تلازم الحكمين و اعترض عليه بعضهم بأنّ المستدل إذا ثبت ذلك فيما إذا كان العام جمعا فله أن يثبت في غيره بعدم القول بالفصل ثم أجاب بأنّ العام المخصّص مجاز و الجمع إذا استعمل مجازا لا يلزم بقاؤه على حقيقته و فيه ما لا يخفى احتجّ القائلون بجوازه إلى الواحد بوجوه منها أنه يجوز أكرم الناس إلا الجهّال و إن كان من عداهم واحدا بالاتفاق و الجواب أنّ هذا خارج عن محل النزاع على ما عرفت في تحرير فإنّ التخصيص بالإخراج لا يوجب التجوز في لفظ العام كما سنحقّقه و لو تعسّف بارتكاب التجوز فيه منعنا جوازه في مثل المثال المذكور و لا اتفاق عليه و منها أن استعمال العام في الخاص بطريق المجاز و ليس بعض الأفراد أولى من بعض فيجب الجواز إلى الواحد و أجيب عنه أولا بالمنع من عدم الأولويّة فإنّ أقربيّة الأكثر يوجب أولويته حكاه في المعالم عن العلامة و تنظر فيه بأنّ الأقربيّة إنما توجب أرجحية إرادة الأكثر لا امتناع إرادة غيره كما هو المدعى و فيما تنظر فيه نظر لأنّ الأقربية إنما توجب الأرجحية مع ثبوت العلاقة بدونها لا مطلقا و لا خفاء في أن مقصود المجيب ردّ الدليل المذكور لا إثبات المدعى به و حيث إنّ المستدل بنى دليله على عدم أولويّة بعض الأفراد من بعض كفي في هدم ما أسّسه من إثبات الأولوية و لا حاجة إلى بيان ما يزيد عليه و قد يعارض بأن الأقل متيقن الإرادة بخلاف الأكثر فتكافئ تلك الأولوية و هذه المعارضة لا تخلو من نوع مصادرة لأنّ المجيب لم يساعد على عدم كون الأكثر متيقن الإرادة كيف و قد منع من الاستعمال في الأقل فتأمل على أنّ هذه الأولويّة على تقدير تسليمها لا توجب أولويّة الاستعمال في الأقل و إنما توجب أولوية الحمل عليه عند الشكّ و لا مدخل له في المقام و قد يوجّه كلام المستدل بأن مقصوده أن الاستعمال المذكور بعلاقة العموم و الخصوص و ليس بعض الأفراد في هذه العلاقة أولى من بعض فيندفع عنه الجواب المذكور لأنه لا يوجب الاختلاف فيها و فيه نظر لأنه إن أريد أنّ العلاقة الحاصلة من جهة العموم و الخصوص متساوية في الجميع فتكون معتبرة في الجميع فتوجه المنع عليه جليّ كما قرر في الجواب لأنها مقولة على أفرادها بالتشكيك لا بالتواطي و إن أريد أن القدر المشترك المعتبر

منها في صحة الاستعمال إنما هو مجرّد التناسب بالعموم و الخصوص و هو متساو في الجميع فهو و إن كان تعسّفا في كلام المستدل لكن لا يتجه على تقديره الجواب المذكور بل الوجه في الجواب حينئذ أن يقال لا نسلم أن استعمال العام في الخاص بمطلق علاقة العموم و الخصوص حتى يلزم تساوي جميع صور التخصيص فيها بل بنوع مخصوص منها و هو ما يوجد بين الكلّ و ما يقاربه و ثانيا بأن استعمال العام و الخاص على ما اعترف به المستدل مجاز فلا جرم يستدعي علاقة مصححة و ليست علاقة الكل و الجزء ليلزم تساوي الأجزاء فيها حيث لا تشترط بشرط كما يشترط في عكسها لأن مدلول العام كل فرد لا مجموع الأفراد بل علاقة المشابهة الناشئة من الاشتراك في صفة الكثرة و هي إنما تكون بين الأكثر و المجموع دون غيره و فيه نظر أما أولا فلأنّ النزاع في هذا الأصل على ما يظهر من إطلاقهم لا تختصّ بالعام الأفرادي بل في مطلق العام أفراديّا كان أو مجموعيّا و قضيّة الجواب المذكور التزام جواز التخصيص في العام المجموعي إلى الواحد دون الأفرادي أو هذا التفصيل مع بعده عن الأنظار المستقيمة ممّا لا مصرّح به بل لا قائل به ظاهرا فيمكن دفعه بأنه خرق للإجماع المركب و أمّا ثانيا فلأنّ العلاقة التي تصحّ أن تعتبر في المقام لا تنحصر في علاقة المشابهة حتى يختصّ ثبوتها بأكثر الأفراد بل يجوز أن تعتبر فيه أيضا علاقة العموم و الخصوص فإنها أيضا علاقة برأسها معتبرة في الاستعمال كما نص عليه جماعة من المحققين و هي مشتركة بين العام و جميع جزئياته متساوية بينها على بعض الوجوه السابقة فيبقى الإشكال بحاله و قد ينكر علاقة العموم و الخصوص بالمعنى المبحوث عنه و ينزل العموم في مقالة من ذكر هذه العلاقة على العموم المنطقي و هو غير

اسم الکتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية المؤلف : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست