اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 630
نعتبر قول من عرفناه، لأنّا نعلم أنّه ليس فيهم الإمام المعصوم الّذي قوله حجّة. فإن كان في الفريقين أقوام لا نعرف أعيانهم، و لا أنسابهم و هم مع ذلك مختلفون، كانت المسألة من باب ما نكون فيها مخيّرين بأيّ القولين شئنا أخذنا، و يجري ذلك مجرى الخبرين المتعارضين الّذين لا ترجيح لأحدهما على الآخر على ما مضى القول فيما تقدّم. و إنّما قلنا ذلك، لأنّه لو كان الحقّ في أحدهما لوجب أن يكون ممّا يمكن الوصول إليه، فلمّا لم يكن دلّ على أنّه من باب التّخيير. و متى فرضنا أن يكون الحقّ في واحد من الأقوال، و لم يكن هناك ما يميّز ذلك القول من غيره، فلا يجوز للإمام المعصوم الاستتار، و وجب عليه أن يظهر و يبيّن الحقّ في تلك المسألة، أو يعلم بعض ثقاته الّذين يسكن إليهم الحقّ من تلك الأقوال حتّى يؤدّي ذلك إلى الأمّة، و يقترن بقوله علم معجز يدلّ على صدقه، لأنّه متى لم يكن كذلك لم يحسن التّكليف. و في علمنا ببقاء التّكليف و عدم ظهوره، أو ظهور من يجري مجراه دليل على أنّ ذلك لم يتّفق. فإن قيل: يجوز أن يختلف الإماميّة على قولين يكون أحد القولين قول الإمام و الباقون قولهم على خلافه، و متى أجزتم ذلك كان في ذلك تعيين الإمام و تمييزه و ذلك لا تقولونه و إن امتنعتم من ذلك قيل لكم: و ما المانع من ذلك؟ قيل: الّذي نقول في ذلك أنّه لا يمتنع ما فرض في السّؤال على وجه، و يمتنع على وجه، فالجائز من ذلك هو أن يجمع كلّ من عدّ الإمام على قول إذا لم نعرفهم كلّهم بأسمائهم، و نجوّز أن يكون الإمام فيهم و من جملتهم، و نجوّز أيضا مع ذلك أن يكون المنفرد الّذي قال بالقول الأخير - و هذا لا يؤدّي إلى العلم - بعين الإمام و تمييزه. و الّذي لا يجوز، أن تكون الجماعة الّذين خالفوا الواحد معروفين بأسمائهم و أنسابهم، لأنّه متى كان كذلك علم به أنّ الإمام هو الآخر، و ذلك ينافي غيبته عليه
اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 630