اسم الکتاب : الوسيط في أُصول الفقه المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 226
الجهة الأُولى: في صحّة تكليف المعدوم
لا شكّ أنّ المعدوم من حيث إنّه معدوم لا يصحّ تكليفه بتوجيه البعث و الزجر الفعليين إليه، و هذا من القضايا التي قياساتها معها.
نعم يمكن إنشاء التكليف على العنوان (لا على الأفراد) الشامل للموجود وا لغائب و المعدوم إنشاءً بلا بعث ولا زجر فعليّ ليُصبح فعلياً بعدما وجدت الشرائط و فقدت الموانع بلا حاجة إلى إنشاء جديد.
وعلى هذا فلا مانع من صحّة تكليف المعدوم و شمول التكاليف القرآنية لعامة المكلّفين عَبْرَ القرون.
الجهة الثانية: إمكان خطاب المعدوم
لا شكّ انّه لا يصحّ خطاب المعدوم خطاباً حقيقيّاً لغاية التفهيم والتفهم، و لكن يمكن تصحيح خطاب المعدوم على النحو الذي مرّفي صحّة تكليف المعدوم، و ذلك بتعلّق الخطاب انشاءً بالعنوان لا بالأفراد، ففي قوله سبحانه:«يأَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الّذي خَلَقَكُمْ وَ الّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»[1] تعلّق الخطاب بعنوان الناس و له مصاديق كثيرة عبر الزمان، فمن كان واجداً للشرائط عند الخطاب يكون الخطاب في حقّه فعليّاً، و من كان فاقداً لها يكون الخطاب في حقّه إنشائيّاً، و سيُصبح فعلياً عند توفّر الشرائط.
وعلى ذلك فلا مانع من شمول الخطابات القرآنية لعامة المكلّفين على النحو الذي حرّرناه.