أصالة الصحة والمعروف جريانها في الجملة. ويقع الكلام فيها من جهات: الجهة الأولى: في الفرق بينها وبين قاعدة الفراغ، و هو من ناحيتين: إحداهما: ان قاعدة الفراغ انما تجري في فعل الفاعل نفسه. وأصالة الصحة تجري في فعل الغير.
ثانيتهما: ان القاعدة يختص جريانها بما إذا كان الشك بعد الفراغ عن العمل،
غايته عممنا ذلك من حيث الفراغ عن العمل المركب، وعن اجزائه. وأصالة الصحة
تجري فيه، وفيما إذا كان الشك في الأثناء، فإذا رأينا أن أحدا يصلي على
الميت، وفي أثناء صلاته شككنا في ان الميت وضع على الأرض مقلوبا أو كما هو
اللازم، يحمل فعله على الصحة، بناء على جريانها. فالفرق بينهما انما هو في
ان القاعدة مختصة بفعل الفاعل نفسه، ولا تجري إلاّ بعد الفراغ عن العمل،
بخلاف أصالة الصحة. الجهة الثانية: في بيان مدرك أصالة الصحة. تارة:
يراد من الصحة فيها الحسن، ويقابله القبح والحرام، فإذا شك في ان ما صدر
عن الغير كان قبيحا أو حسنا يحمل على الحسن بمقتضى أصالة الصحة. وأخرى:
يراد بها المؤثر، ويقابله الفاسد.
أما أصالة الصحة بالمعنى الأول، أي حمل فعل الغير على الحسن دون القبيح،
فلا تستلزم صحته بالمعنى الثاني، أي ترتب الأثر عليه، كما هو واضح.