و قد نسب صاحب الكفاية في الثامن من تنبيهات الاستصحاب[1]هذا
الوجه إلى الشيخ قدّس سرّه، وجعله وجها لاستشكاله في التمسك بالاستصحاب
للبراءة ولكن الظاهر أن ذلك ليس منشأ إشكال الشيخ في الاستصحاب في المقام،
كيف وهو ممن يرى جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية، وسيجيء منشأ إشكاله
قدّس سرّه عن قريب إن شاء اللّه.
و اما أصل الإشكال فيرد عليه: ان اعتبار كون المستصحب أمرا مجعولا لم يقم
عليه دليل، وانما المعتبر في جريان الاستصحاب ان يكون المستصحب قابلا
للتعبد به، ومن المعلوم ان العدم قابل لذلك كالوجود، فان العدم يكون مقدورا
بقاء وان لم يكن كذلك حدوثا، ويكفي في المستصحب كونه قابلا للتعبد به
بقاء، وسيأتي تفصيله في مبحث الاستصحاب إن شاء اللّه.
ثانيها: ما أفاده المحقق النائيني قدّس سرّه[2]من
ان المتيقن الثابت قبل البلوغ انما هو اللاحرجية العقلية، أي عدم التكليف
في مورد غير قابل له كما في الحيوانات، ومثل ذلك لا يحتمل بقاؤه بعد
البلوغ، وانما المحتمل فيه عدم التكليف في المورد القابل له، فلا معنى
للتمسك بالاستصحاب. وان شئت قلت: ان العدم الثابت قبل البلوغ عدم محمولي
وغير منتسب إلى الشارع، والعدم بعد البلوغ لو كان فهو عدم نعتي منتسب إليه،
وإثبات العدم النعتيّ باستصحاب العدم المحمولي مبني على القول بالأصل
المثبت.
و فيه: أولا: ان عدم التكليف في الصبي غير المميز وان كان كما ذكره من انه
بمعنى اللاحرجية، إلاّ انه في المميز ليس كذلك، بل هو عدم تكليف في مورد
قابل له، وانما الشارع رفع تكليفه عنه امتنانا كما هو ظاهر حديث رفع القلم
عن